من خفض التمثيل الدبلوماسي إلى مقاطعة البضائع الأمريكية، خطوات يرى مدير مركز دراسات الشرق الأوسط جواد الحمد، أن من الضروري اتخاذها عربيا وإسلاميا، لمواجهة القرار الذي اتخذه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في السادس من الشهر الجاري، بالاعتراف بالقدس المحتلة "عاصمة" للكيان الإسرائيلي.
ويقول الحمد في حديث لصحيفة "فلسطين": "يجب استجماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، وهيومان رايتس ووتش، والاتحاد الأوروبي والأفريقي واتحاد أمريكا الجنوبية، وكذلك مجموعة الآسيان (اتحاد دول جنوب شرق آسيا)".
ويضيف: "كل هذه المجموعات يمكن أن تأخذ قرارات ومواقف ترفض فيها القرار الأمريكي، وتشكل حالة دولية بمواجهة الولايات المتحدة على مستوى العالم، وهذا سيكون قوة للأمة العربية وللشعب الفلسطيني"، مبينا أن الموضوع يتعلق "بالعصب الصعب للمسلمين" وهو القدس.
وعلى المستوى العربي والإسلامي، يؤكد الحمد أنه لا بد من اتخاذ إجراءات سياسية ودبلوماسية واقتصادية وإعلامية مع الولايات المتحدة، موضحاً أنه "لا بد من حملة إعلامية قوية جدا للتعبئة العامة في الأمة الإسلامية، وأن تتوفر وحدة موقف بين الحكومات والشعوب لإجبار واشنطن على التراجع عن قرارها بشأن القدس.
ويشدد على ضرورة اتخاذ إجراءات دبلوماسية، كتخفيض التمثيل الدبلوماسي العربي والإسلامي في الولايات المتحدة، ودعوة السفراء للتشاور، والإعراض عن مقابلة مسؤولين أمريكيين كبار في المرحلة الراهنة على الأقل.
ويرى أن تداعيات "كثيرة" محتملة لقرار ترامب، قائلا: إن هناك "تراجعا في إمكانية التفاهم مع الولايات المتحدة وتراجعا لأي حماسة لصفقة القرن التي كان يعد بها ترامب، وتململا في صفوف حلفاء أمريكا في المنطقة، حيث تسبب لهم ذلك بإحراج شديد أم شعوبهم، بالتالي هم سيدفعون ثمنا محليا لن تتحمله الإدارة الأمريكية".
موقفان "حاسم وموارب"
وردا على سؤال بشأن المواقف الراهنة، يجيب بأن هناك مجموعتين للدول العربية والإسلامية، الأولى تتخذ موقفا حاسما بأن القدس لا يمكن أن تكون "عاصمة" لدولة الاحتلال بأي شكل من الأشكال، وأنه لا تنازل عن المدينة، مهما كلف ذلك من ثمن، حتى لو أدى إلى توتر العلاقات السياسية مع واشنطن.
والمجموعة الأخرى من الدول العربية والإسلامية –والكلام لا يزال للحمد- لا تستطيع أن تقف في وجه أمريكا، ولديها مصالح كبرى معها، وتريد أن تأخذ موقفا "مواربا بمعنى أن ترضي نسبيا ردة الفعل الشعبية لكنها في النهاية تمرر القرار الأمريكي بدون إجراءات اقتصادية أو سياسية إزاء الولايات المتحدة".
ورفض قادة الدول الإسلامية، أمس، في ختام قمة منظمة التعاون الإسلامي في اسطنبول، قرار ترامب، معلنين اعترافهم بشرقي القدس "عاصمة محتلة لدولة فلسطين"، فيما اعتبر وزراء الخارجية العرب، الأحد الماضي، القرار الأمريكي "باطلا"، وسط مطالبات للدول العربية والإسلامية بمواقف تدفع باتجاه إلغاء قرار ترامب.
من جهة ثانية، يؤكد الحمد أن عملية التسوية بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي "أصبحت لا قيمة لها؛ لأن الأمريكان وهم رعاة العملية قد أخذوا موقفا (لا يقبله) الفلسطينيون".
ويعتبر أن الإدارة الأمريكية "أصبحت معزولة في موقفها دوليا تماما، ولم تعد تصلح بمفهوم الصلاحية الكاملة لأي عملية" تسوية.
ويفسر بأن أي عملية تسوية قد ترعاها واشنطن "مشكوك في نتائجها لصالح الجانب الإسرائيلي"، منوها إلى أن ذلك يجعل "الخيارات مفتوحة أمام الفلسطينيين"، حيث بإمكان السلطة التخلص من عبء عملية التسوية خاصة اتفاق أوسلو وتبعاته.
ويرى الحمد أن "السلطة مرتبكة تماما، ووُجهت لها ضربة قاسية من قبل الرئيس ترامب، وهي غير قادرة على الوقوف الآن أمام الشعب لتتكلم عن التسوية".
وكان رئيس السلطة محمود عباس، قال أمس، إنه لن يقبل بأن يكون للإدارة الأمريكية أي دور في عملية التسوية "بعد الآن". وتوقفت آخر مفاوضات رسمية وعلنية بين السلطة ودولة الاحتلال الإسرائيلي، برعاية أمريكية، في أواخر نيسان/أبريل 2015، بسبب تعنت سلطات الاحتلال ورفضها الإفراج عن أسرى فلسطينيين قدامى.
وبشأن وضع القدس المحتلة بعد قرار ترامب، يقول الحمد: إن المدينة هي أرض محتلة، وسواء اعترفت أمريكا بها "عاصمة" للكيان الإسرائيلي أم لم تعترف، فإن على الفلسطينيين العمل على إنهاء الاحتلال وإعادة تحريرها وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
ويردف: "هذا هو المشروع الوطني الفلسطيني، لا تحدده أمريكا ولا مجلس الأمن الدولي، بل تحدده المصلحة الوطنية"، منوهًا إلى أن الشعب الفلسطيني احتُلَّت أرضه وهو يقاوم من أجل استردادها.
ويتمم مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بأنه من الجانب القانوني، لا يمكن الإقرار لدولة محتلة بعاصمة لها بمدينة تحتلها، فهذا مخالف للقانون الدولي، وجميع قرارات الأمم المتحدة.

