محمد بن علي بن محمد الأصبحي الأندلسي، أبو عبد الله، شمس الدين الغرناطي, المشهور بابن الأزرق كان عالمًا اجتماعيًّا سلك طريقة ابن خلدون.
هو أبو عبد الله، محمد، بن علي، بن الأزرق، الحميريّ، الأصبحي، الأندلسي، الغرناطي، المالقي، ولد ببلدة “مالقة” عام 831هـ/1428م-1429م، وهي إحدى ولايات غرناطة آنذاك على عهد ملوك بني نصر، وقد سقطت هذه البلدة بأيدي الإسبان سنة 892هـ/1487م.
نشأ ببلدة “مالقة” فبدأ بحفظ القرآن الكريم وبعض المصنفات العلمية والأدبية، حسب عادات أهل الأندلس في طريقة التربية والتعليم المتبعة عندهم، وقد نشأ في بيت علم ودين وعفة، وهذا ما دفع به أن يهتم اهتمامًا كبيرًا بالأخلاق والسلوك.
أبرز شيوخه هم: أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد البدوي، قاضي “مالقة”، تلا عليه القرآن بتلاوة ابن كثير، وأبو عمرو محمد بن محمد ابن منظور، وعنه أخذ العربية والفقه والفرائض والحساب.
إن أهمية ابن الأزرق تبرز في عطائه العلمي في كتابة الفريد “بدائع السلك في طبائع الملك”، وموضوعه السياسة العقلية والشرعية والاجتماع البشري، وقد احتوى القسم الأكبر منه على الأخلاق والممارسات التطبيقية التي مرّ عليها ابن خلدون مرورًا محدودًا، فكان مكملًا لمقدمته.
شغل ابن الأزرق طوال حياته أربع وظائف، اثنتان رسميتان، هما القضاء والسفارة، واثنتان تطوعيتان هما التدريس والإفتاء.
تولى القضاء في غرناطة إلى أن استولى عليها الإسبان، فانتقل إلى تلمسان ثم إلى المشرق يستنفر ملوك الأرض لنجدة صاحب غرناطة، قال المقري: "واستنهض عزائم السلطان قايتباي لاسترجاع الأندلس، فكان كمن يطلب بيض الأنوق أو الأبيض العقوق، ثم حج ورجع إلى مصر، فجدد الكلام في غرضه، فدافعوه عن مصر بقضاء القضاة في بيت المقدس، فتولاه بنزاهة وصيانة في الرابع من رمضان 896هـ/1489م، ولم تطل مدته هنالك حتى توفي به يوم الإثنين السادس عشر من شوال سنة تسع وتسعين وثمانمائة 899هـ/1491م".
له كتب، منها: (الإبريز المسبوك في كيفية آداب الملوك) و(تخيير الرياسة وتحذير السياسة)، بأسلوب عجيب لم يؤلف به مثله.
و(بدائع السلك في طبائع الملك) لخص فيه كلام ابن خلدون في مقدمة تاريخه، مع زوائد كثيرة لا يستغنى عنها بوجه.
و(روضة الأعلام بمنزلة العربية من علوم الإسلام)، و(شفاء الغليل في شرح مختصر خليل) في فقه المالكية، وفتاوى.
وله نظم جيد.