في عملية أمنية معقدة، أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، اليوم الإثنين، عن عملية طعن جنود وتحرير أسرى فلسطينيين في بيت لاهيا شمالي قطاع غزة.
وفي التفاصيل، أعلنت القسام، في بيان عبر منصة "التلغرام": تمكن عدد من مجاهديها من طعن وقتل 3 جنود صهاينة كانوا في مهمة حماية مبنى تحصنت به قوة صهيونية، ومن ثم اقتحموا المنزل وأجهزوا على كافة أفراد القوة الصهيونية من مسافة الصفر واغتنموا أسلحتهم.
وأشار البلاغ العسكري المقتضب، إلى أن المقاومين تمكنوا من إخراج عدداً من المواطنين الذين احتجزهم الاحتلال داخل المنزل في مشروع بيت لاهيا شمال القطاع.
وما زالت كتائب القسام تفاجئ جنود الاحتلال الإسرائيلي بأساليب جديدة في عملياتها النوعية منذ بدء "طوفان الأقصى" بلا كلل أوملل وبوتيرة متصاعدة. وهذا مستمر في شمال قطاع غزة المحاصر والمستهدف بكل أشكال الإبادة الجماعية.
وتعليقًا على ذلك، أكد الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء الركن محمد الصمادي أن المقاومة الفلسطينية قادرة على إيلام الاحتلال الإسرائيلي بعملياتها النوعية رغم اختلال ميزان القوى، مشيرًا إلى أن العقيدة القتالية والإيمان بالقضية يعوضان الفارق في القدرات العسكرية.
كما وأكد أن المقاومة ما زالت تحتفظ بقدراتها على الرصد والاستطلاع وتنفيذ عمليات الالتحام المباشر.
وأشار الخبير العسكري إلى، نجاح المقاومة في تنفيذ عمليات نوعية معقدة، مثل مهاجمة المباني التي يتحصن فيها جنود الاحتلال واقتحامها عن قرب، مؤكدا أن هذه العمليات تترك أثرًا نفسيًا ومعنويًا كبيرًا على الجنود الإسرائيليين.
ولفت الصمادي إلى تصاعد وتيرة العمليات النوعية للمقاومة، مشيرا إلى مقتل جنديين إسرائيليين في تفجير عبوة ناسفة شمال القطاع، إضافة إلى تزايد عمليات الطعن.
كما أعلنت سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي– أمس الأحد أن أحد مقاتليها اقتحم ناقلة جند إسرائيلية ونفذ عملية نوعية بتفجير عبوة العمل الفدائي وسط الجنود الذين كانوا داخلها عند مدخل أبراج العودة في عزبة بيت حانون شمالي قطاع غزة.
واعتبر الخبير العسكري أن هذا التصعيد يؤشر على تدني معنويات جنود الاحتلال وإصابتهم بالتعب من هذه "الحرب العبثية".
العقيدة القتالية
وأكد أن الحرب أصبحت "وجودية" بالنسبة للمقاومة، مما يدفع مقاتليها من مختلف الفصائل للاستبسال في المواجهة رغم فارق القوة العسكرية.
وأضاف أن "العقيدة القتالية والإيمان بالله والاستبسال" تعمل على موازنة ميزان القوى المائل لصالح الاحتلال.
وبشأن إمكانية تغيير إسرائيل حساباتها في ظل تواصل العمليات النوعية للمقاومة، أوضح الصمادي أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تراهن على استنزاف قدرات المقاومة.
لكنه أكد أن المقاومة قادرة على إيقاع خسائر موجعة في صفوف الاحتلال حتى مع الأسلحة البيضاء وعمليات الطعن، في ظل عدم معرفة أحد بما تبقى في ترسانتها من صواريخ وأسلحة.
كما يقول المحلل السياسي الفلسطيني ياسر أبو هين: إن العمليات التي أعلنت عنها كتائب القسام اليوم تحمل أكثر من رسالة. أولاً، هذه العملية تشير إلى مرحلة جديدة من الالتحام المباشر والفعل الفدائي الذي يمارسه مجاهدو القسام في شمال قطاع غزة، حيث انتقلوا من مرحلة القنص وإطلاق القذائف عن بُعد إلى مرحلة الاشتباك المباشر، مما يعكس تحولًا إلى ما يمكن تسميته “حرب الشوارع” أو “القتال الشعبي”.
وأضاف أبو هين، أن الرسالة الثانية تكمن في قدرة المقاومة على العمل بكفاءة على أرض الميدان، وهي أرضهم التي يعرفونها جيدًا. رغم أن الاحتلال يروج لفكرة أن المنطقة “محروقة” وأنها قد تم إبادة كافة مقوماتها، إلا أن المقاومة تواصل تنظيم الكمائن والتحرك بشكل فاعل، ما يثبت عجز الاحتلال عن القضاء على قدرتها على المناورة.
وأكد أن الاحتلال سيواجه حربًا شعبية شاملة، تتجاوز العناصر العسكرية المنظمة، وتدخل فيها أيضًا العناصر الشعبية التي تساهم في تنفيذ عمليات المقاومة، مثل تلك التي لا تتطلب تخطيطًا معقدًا أو إمكانيات عسكرية كبيرة، بل يمكن تنفيذها باستخدام أسلحة بيضاء بسيطة.
كما أوضح المحلل الفلسطيني أن هذه العمليات تبرز الصعوبات التي تواجهها المقاومة في شمال القطاع، خاصة في ظل الحصار المفروض على القطاع، وما يترتب على ذلك من قطع خطوط الإمداد والقصف المستمر لتدمير المنشآت المدنية والعسكرية.
وأضاف أن المقاومة قد تعاني من نقص في الأسلحة والذخائر، مما يضطر بعض المجاهدين إلى العودة إلى الأساليب البسيطة، مثل الطعن، وهو ما يذكرنا ببدايات الانتفاضة الأولى وحرب السكاكين التي نفذها الفدائيون في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتابع أبو هين أن هذه العمليات تعكس استمرار الحرب الشرسة التي تخوضها المقاومة ضد الاحتلال منذ أكثر من 14 شهراً، ما يبرهن على أن “القسام” لا يزال لديها الكثير لتقوله في معركتها ضد الاحتلال.
واختتم حديثه مؤكدًا أن هذه العملية، إلى جانب إعلان “القسام” اليوم عن إطلاق طائرة انتحارية من طراز الزواري، تؤكد أن المقاومة ما زالت تمتلك القدرة على تنفيذ عمليات نوعية، رغم الظروف الصعبة التي تواجهها.
وفي السياق، حذر مسؤولون في القيادة الجنوبية لجيش الاحتلال الإسرائيلي من أن حركة المقاومة الإسلامية حماس جندت حوالى أربعة آلاف عنصر جديد لجناحها العسكري (كتائب القسام) في غزة خلال الأشهر الأخيرة، بحسب ما نشر موقع والاه العبري.
ونقل الموقع عن ضباط ومسؤولين عسكريين قولهم، إن حركة حماس تواصل العمل بطريقة غير مألوفة لجيش الاحتلال الإسرائيلي. وأضافوا، أن مقاتلي الحركة الجدد يتلقون تدريبات على يد قادة جدد يكيّفونهم مع أنماط قتال الجيش، وأنهم يقاتلون مع قيادات عسكرية لم ينجح الجيش في اغتيالها.