هناك اتفاق بين معظم المؤرخين والعارفين بالتاريخ اليمني على أن عصر الدولة الرسولية (626 - 858هـ / 1229م – 1454م) كان أزهى عصور اليمن خلال العصور الإسلامية الوسيطة، من الناحية السياسية، والإدارية والاقتصادية والثقافية والحضارية، وكما يقول مؤرخ اليمن قاضيها إسماعيل بن علي الأكوع، فقد كانت الدولة الرسولية: "أبرز دول اليمن الحضارية، وأخلدها ذكرًا، وأبعدها صيتًا، وأغزرها ثراء، وأوسعها كرمًا وإنفاقًا ...، ويعد عصرها عزة في جبين اليمن في عصرها الإسلامي، ذلك لأن عصرها كان أخصب عصور اليمن ازدهارًا بالمعارف المتنوعة، وأكثرها إشراقًا بالفنون المتعددة، وأغزرها إنتاجًا بثمرات الأفكار اليانعة في مختلف ميادين المعرفة".
نسب بني رسول
يرفع النسابون نسب الرسوليين إلى جبلة بن الأيهم الغساني، والغساسنة فرع من قبيلة الأزد اليمنية التي نزحت إلى شمال الجزيرة بعد تهدم السد وسادوا في بلاد الشام، وفي أزمنة لاحقة سكن أحفاد ابن الأيهم بلاد التركمان وتكلموا لغتهم، ومن هنا جاء الوهم عند بعض النسابة فجعلوهم تركمانًا، أما الجد القريب للرسوليين فهو محمد بن هارون الذي استوطن العراق ودخل في خدمة أحد خلفاء بني العباس الذي وثق بحكمته وفصاحته فجعله رسوله إلى الشام ومصر حتى غلب عليه لقب رسول، فصار علمًا عليه وعلى أسرته من بعده، ثم انتقل رسول هذا من العراق إلى الشام ومن هناك إلى مصر.
فلما استوثق الحكم للأيوبيين في مصر أدخلوا أبناء رسول في خدمتهم ومكنوهم من اليمن، فكان في اليمن من بني رسول خمسة صحبهم توران شاه، أحدهم المؤسس السالف الذكر نور الدين عمر بن علي بن رسول الذي جاهد مع الأيوبيين في اليمن لتوطيد دولتهم حتى آلت إليه الأمور.
نشأة الدولة الرسولية
حكمت الدولة الأيوبية اليمن في المدة (569 - 626هـ / 1173- 1229م)، فقضَوْا على عدد من الإمارات فيها وجمعوا أمرها، فأنهَوْا حكم بني هَمْدان في صنعاء، وبني مهدي في زَبِيدَ، وبني زريع في عدن.