فلسطين أون لاين

صفعة دولية للاحتلال

جاء تقرير المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، الذي حدد الولاية الجغرافية لسلطة المحكمة القضائية بأنها تقع على الأراضي الفلسطينية المحتلة التي تشمل الضفة الغربية، بما فيها شرقي القدس، وقطاع غزة، خطوة حاسمة لإمكانية النظر في الشكاوى الفلسطينية، في لحظة بالغة الحساسية، تستعد فيها دولة الاحتلال لارتكاب المزيد من "جرائم الحرب" ضد الفلسطينيين.

في الأصل كان مجرد إعلان المحكمة نهاية العام الماضي عن فتح تحقيق في الجرائم "الإسرائيلية" بحق الفلسطينيين، كافياً لإثارة الرعب والهلع في صفوف قادة الاحتلال، الذين عملوا ما بوسعهم لعرقلة انضمام فلسطين إلى "الجنائية الدولية".

وقد تمكن هؤلاء بالفعل من تأخير الفحص الأولي الذي أجرته المحكمة عام 2015 نحو خمس سنوات، إلا أن قرارها في ديسمبر 2019 بفتح تحقيق جنائي في الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين، جاء ليبدد رهانات قادة الاحتلال الذين أعلنوا الحرب على المحكمة الدولية بكل الأسلحة التي يمكن استخدامها وفي مقدمتها سلاح "معاداة السامية" المعتاد، وعملوا على حشد كل الذرائع المطلوبة للعرقلة، ومنها أن الشكاوى الفلسطينية تتعلق بأراض متنازع عليها، وبالتالي فإن الخلافات تحل عن طرق المفاوضات، وأن السلطة الفلسطينية ليست دولة، وانضمام الفلسطينيين إلى «معاهدة روما» لا يمنح "الجنائية" صلاحيات في "دول ذات سيادة" وما إلى ذلك.

كل هذه المحاولات فشلت، في الواقع، وبقيت (إسرائيل) تراهن على الدعم الأمريكي في عدم السماح للمحكمة بفرض ولايتها القضائية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلا أن كل الضغوط التي مارستها واشنطن لم تفلح في ثني المحكمة عن قرارها. والحقيقة أن جرأة وشجاعة المدعية العامة "للجنائية الدولية"، تمثلت في إعادة صياغة طلب تحديد الولاية الجغرافية للمحكمة، بعد أن رفضت دائرتها التمهيدية إصدار حكم بهذا الشأن؛ بسبب طول الطلب الذي جاء في أكثر من 110 صفحات..

وفي ردودها على ملاحظات المشاركين في مداولات البت في اختصاص المحكمة الإقليمي في فلسطين. ويكتسب تحديد الولاية الجغرافية للمحكمة الجنائية أهمية بالغة، في هذا التوقيت بالذات؛ حيث تستعد دولة الاحتلال لإضافة "جريمة حرب" جديدة إلى سجل جرائمها التي تفيض بها سجلات التاريخ، بضم وادي الأردن والأغوار الشمالية والمستوطنات المقامة عليها، والتي تمثل نحو ثلثي أراضي الضفة الغربية، ما ينهي أي أمل بإمكانية قيام دول فلسطينية، أو تنفيذ "حل الدولتين" للذين لا يزالون يراهنون على التسويات. هذه الجريمة الجديدة كانت بنداً رئيسياً في اتفاق نتنياهو - جانتس لتشكيل حكومة ائتلافية، والذي تضمن موعداً لتنفيذ عملية الضم في الأول من يوليو/تموز المقبل، وهي تحظى بضوء أخضر أمريكي، وإن كانت واشنطن تراجعت قليلاً عن تصريحات مايك بومبيو، مشترطة لهذا الضوء الأخضر التفاوض مع الفلسطينيين؛ لإقامة شبح «دويلة» لهم تحت الاحتلال في إطار خطة ترامب - نتنياهو المسماة «صفقة القرن».

السؤال الآن: هل يمكن "للجنائية الدولية" أن تمنح الفلسطينيين ولو بصيص أمل بأنه لا يمكن الإفلات من العقاب إلى الأبد، ولا يمكن لدولة الاحتلال أن تبقى "فوق القانون" إلى ما لا نهاية؟!

المصدر / صحيفة الخليج الإماراتية