استطاع قطز بدعم من العلماء انتزاع قرار المواجهة مع المغول، واتخذ العلماء قرارًا جريئًا، وهو عزل السلطان الطفل الصغير الذي لم يتجاوز عشر سنوات "المنصور علي"، ونصب قطز سلطانًا من أجل العبور بالأمة من هذا الخطر الكبير.
بدوره قطز أعلن حالة الاستنفار القصوى في البلاد، وأطلق يد العلماء لتحريض الناس على الجهاد والمقاومة وتذكيرهم بفضل الشهادة، وأمجاد الإسلام، ثم اختار الظاهر بيبرس أحد أكبر القادة العسكريين في التاريخ ليكون مهندسًا للقاء القادم مع المغول، فاستدعى الظاهر بيبرس كبار علماء الجغرافيا والمسالك والممالك كي يشاورهم في مكان مناسب ليكون مسرحًا للعمليات العسكرية للمعركة القادمة مع المغول.
وبعد البحث مدة أسبوعين أبلغوا الظاهر بيبرس أنه لا يوجد مكان مناسب تستطيع أن تنتصر فيه على جيش بضخامة وجبروت وتسليح ومعنويات وجرأة جيش المغول إلا مكان واحد، وهو شمال فلسطين، وتحديدًا المستطيل الإستراتيجي نفسه الذي جرت في محيطه كبرى معارك الإسلام في التاريخ، مثل: فحل بيسان، واليرموك، وحطين، لكن هناك معضلة حقيقية: كيف سينقل الجيش الإسلامي من مصر إلى شمال فلسطين والمغول يغلقون الطريق، فهم يرابطون في غزة؟
لذلك كانت إستراتيجية الظاهر بيبرس تقسيم الجيش إلى قسمين: الأول بقيادة الظاهر بيبرس، وهم "الكومندوز" خفيفو التسليح سريعو الحركة وانتقوا بعناية من غزة وفلسطين، والثاني هو كتلة الجيش الكبيرة بقيادة السلطان قطز.
قاد الظاهر بيبرس النخبة الفلسطينية، ووجه ضربة سريعة وخاطفة إلى المغول في غزة، وقتل منهم الآلاف، خاصةً أن المغول كانوا يعتمدون على الهالة النفسية التي نجحوا فيها إحدى إستراتيجياتهم في الحرب، فلم يفكروا لحظة أن هناك من يستطيع التجرؤ ومهاجمة مواقعهم العسكرية.
ماذا حدث بعد ذلك؟!، التفاصيل تتبع في الحلقة الأخيرة من المقال (انتظرونا).