قاد الظاهر بيبرس النخبة الفلسطينية ووجه ضربة سريعة وخاطفة للمغول في غزة، وقتل منهم الآلاف، خاصةً أن المغول كانوا يعتمدون على الهالة النفسية التي نجحوا فيها إحدى إستراتيجياتهم في الحرب، فلم يفكروا لحظة أن هناك من يستطيع التجرؤ ومهاجمة مواقعهم العسكرية.
لذلك تحت هذه الصدمة لاحق المغول جيش النخبة الفلسطيني بقيادة الظاهر بيبرس، دون تسليح ودون إعداد ودون تخطيط، ودون أخذهم الماء أو الطعام، عندها كان على الظاهر بيبرس أن يزحف إلى الشمال مستدرجًا الجيش المغولي.
فبدأ بيبرس يسير بطريقة لولبية لقتل الوقت، ويزيد من عناء وتعب الجيش المغولي بتطويل المسافة، تحت هذه الزعزعة كان على الجيش الإسلامي بقيادة قطز الزحف إلى غزة، فالطريق أصبحت مفتوحة ثم الزحف إلى الشمال، حيث مسرح المعركة المتفق عليه، جنوب بيسان وحول الكثبان الرملية لقرية عين جالوت الكنعانية.
وصل جيش قطز وأعد الكمائن، بعد قليل وصلت النخبة الفلسطينية بقيادة الظاهر بيبرس من خلفهم جيش المغول الذي أنهكته ملاحقته للنخبة، وعندما وصل المغول أحيط بهم وطوقوا تمامًا.
وتصف المصادر المشهد بأن جيش المغول "أصبح كالحب تحت الرحى" فأبيد جيش المغول تمامًا، حتى إن المصادر التاريخية استخدمت عبارة لم تستخدم مطلقًا في وصف أي معركة من قبل أو من بعد: "فلم ينج من المغول من يرد الخبر"، أي أن الجيش المغولي أجهز عليه تمامًا.
وعندما وصلت أخبار الانتصار إلى أهل الشام الذين كانوا يعيشون في حالة من الخوف والرعب من المغول، تشجع أهل الشام وهاجموا مواقع المغول، فخرج الرجال بالفؤوس والعصي، وخرج الأطفال بالحجارة، والنساء بأدوات المنازل.
وأمام هذه الانتفاضة العارمة فر المغول يسيطر عليهم الهلع والرعب، حتى إنهم من شدة الخوف تركوا خلفهم أكوام الغنائم من الذهب والأموال، وتركوا الأسرى واستمروا في الهرب حتى وصلوا إلى العراق وقطعوا الفرات.
بعد هذا الانتصار بقليل بدأ المغول يدخلون في الإسلام، لأن هناك قانونًا في التاريخ يقول: "المغلوب مولع بتقليد الغالب"؛ فكل التحية لجيش النخبة الفلسطيني، الذي حقق أول انتصار في عين جالوت على تراب غزة.