فلسطين أون لاين

​هل ينجح الحراك العربي في ليِّ ذراع واشنطن بشأن القدس؟

...
تواصل التظاهرات العربية ضد قرار ترامب بحق القدس في لبنان أمس (الأناضول )
غزة / عواصم - نبيل سنونو

بالبنط العريض، وقَّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخميس الماضي، قرار نقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة، بينما احتشد متظاهرون في العديد من العواصم والمدن العربية والإسلامية نصرة للقدس، في ظل مطالبات للمستويات الرسمية بإجراءات حاسمة.

ويعتقد القيادي المصري، وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان جورج إسحاق، أن "الموقف الشعبي تجاوز الرسمي" بمسافات كبيرة، مفسرًا بأن تعليقات عربية رسمية صدرت بطريقة "خجولة إلى حد ما" بهذا الصدد.

ويقول إسحاق، لصحيفة "فلسطين": إن "العرب في أضعف حالاتهم، وترامب المجرم يعرف ذلك جيدا"، مضيفا أن الأخير حصل على أموال عربية "رهيبة"، في إشارة إلى ما عرفت بالقمة الإسلامية الأمريكية التي انعقدت في مايو/أيار الماضي.

ويرى أن "الضغط الشعبي هو الذي سيؤثر وليس الرسمي" بشأن ما يجري في القدس المحتلة، مؤكدا أن "الموقف الشعبي مازال فيه نَفَس كبير".

وينبغي على الدول العربية، وفقا لإسحاق، اتخاذ قرارات "حاسمة إذا كانت هناك جدية لديها بهذا الموضوع"، مطالبا إياها بقطع العلاقات بالإدارة الأمريكية، وعدم الاكتفاء ببيانات الشجب والاستنكار.

لكنه يشكك بإمكانية أن تقدم الدول العربية على اتخاذ قرار بقطع علاقاتها بواشنطن، "لأن كل خيوط اللعبة بيد الأمريكان"؛ وفق تعبيره.

وفي الوقت نفسه، يستبعد إسحاق، أن يتراجع ترامب عن قراره الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي.

مخططات "إمبريالية"

من جهته، يشير القيادي في حزب البعث السوداني، ضياء الدين ميرغني الطاهر، إلى ما يجري من أحداث في بعض الدول العربية، وسيادة حالة من الفوضى فيها، قائلا إنه لولا هذه الحالة لكان بمقدور تلك الدول أن يكون لها موقف آخر، وتأدية دور كبير في إفشال أي نوع من القرارات من قبيل ما ذهب إليه ترامب.

ويضيف الطاهر، لصحيفة "فلسطين"، أن واشنطن تعمدت ضرب هذه الدول وتنفيذ "المخططات الأمريكية والإمبريالية والصهيونية".

ويوضح أن ثمة حالة "غليان" في المستوى الشعبي العربي والإسلامي، متوقعا حدوث "انفجار شعبي حقيقي؛ لأجل القدس، والديمقراطية، وحقوق الإنسان".

ويتابع: "ربما يكون قرار ترامب (بشأن القدس) سببا قويا في وقوع هذا الانفجار. الأوضاع بصورة عامة تشير إلى أنه قادم".

ورغم ذلك، يصف الطاهر التحركات الشعبية بأنها "أضعف مما هو مطلوب" لنصرة القدس.

ومن ناحية ثانية، يرى أن الرئيس الأمريكي لم يكن ليقدم على اتخاذ مثل هذا القرار "إذا لم يكن هناك اتفاق مبدئي بينه وبين بعض القادة" العرب، وفق اعتقاده.

وينوه الطاهر إلى ما يتداول حول التطبيع بين أنظمة عربية و(إسرائيل)، لافتا إلى تصريح سابق لوزير الاستثمار السوداني مبارك الفاضل المهدي يدعم فيه إقامة علاقات بين بلاده ودولة الاحتلال الإسرائيلي.

كما يعتقد أن بعض الأنظمة العربية "في حالة تنسيق كامل مع الإدارة الأمريكية"، معتبرا أن قرار الأخيرة "لم يكن مفاجئا" نظرا لتلك العلاقات وحالة التطبيع.

ويشار إلى أن الآلاف تظاهروا أول من أمس، في معظم أرجاء المملكة الأردنية مطالبين بإلغاء معاهدة وادي عربة بين الأردن و(إسرائيل) وطرد السفيرين الأمريكي والإسرائيلي، وشهدت بلدات في ريف دمشق وقفات احتجاجية على قرار ترامب، كما جرت مظاهرات في بيروت، ومدن عراقية، والقاهرة، والخرطوم، وتونس، والجزائر، والمغرب، وليبيا، وموريتانيا، واليمن والصومال، وتركيا، وأفغانستان، وباكستان، ومناطق أخرى من العالم العربي والإسلامي.

وكان الكونجرس الأمريكي مرر قانون سفارة القدس عام 1995م، الذي يقضي بنقل السفارة من (تل أبيب) إلى القدس المحتلة، لكن الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ رئاسة بيل كلينتون مرورًا بجورج دبليو بوش كما باراك أوباما لجأت إلى استخدام استثناء تنفيذي، لتأجيل نقل السفارة، "من أجل مصلحة الأمن القومي الأمريكي"، بينما أقدم ترامب على الاعتراف بالقدس المحتلة "عاصمة" للكيان الإسرائيلي.

ويعتبر هذا القرار انتهاكا للقوانين والقرارات الدولية، عدا عن اتفاقيتي "السلام" بين كل من مصر والأردن، والكيان الإسرائيلي.

ومع حالة الغضب الشعبي الفلسطيني والعربي والإسلامي، الذي يسود أيضًا أوساط المتضامنين مع القضية الفلسطينية في العالم، لا تزال الآمال منعقدة على مواقف حاسمة تُرغم واشنطن على التراجع عن قرارها بشأن القدس المحتلة.