في مخيم الأيتام في منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس، يعيش الطفل تيسير منصور برفقة جده والد أمه داخل خيمة بعد استشهاد والديه وشقيقه الوحيد وجده وجدته بقصف إسرائيلي على منزلهم في شرق المدينة، في أكتوبر 2023.
بعد استشهاد عائلة تسيير (8 أعوام) وهدم منزله بالكامل من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وجد نفسه مجبرًا للعيش داخل خيمة تجمع أيتام قطاع غزة، والناجين من الحرب في مكان واحد في منطقة المواصي.
مر على وجود تسيير بمخيم الأيتام غرب خان يونس وسط الزحام والخيام أكثر من 7 شهور ولم يتأقلم على هذه الحياة الجديدة غير الموجود بها والديه وشقيقه، رغم محاولات جده والد أمه توفير ما يستطيع له.
في عيون الطفل تسيير يقرأ كل من يشاهده الفقد والحزن على والديه، خاصة أن الطفل أصيب بحالة صدمة بعد استشهاد والديه وشقيقه وجده وجدته وأعماه وعماته في القصف الإسرائيلي الذي استهدف منزلهم.
يقول الطفل تسيير لـ"فلسطين أون لاين": "بابا وماما وجدي وجدتي وأعمامي الآن في الجنة، وأنا ما نسيتهم وكل يوم بفكر فيهم وبدعي إلهم".
لم يستطع الطفل تسيير إكمال حديثه حول قصته وما حصل مع عائلته التي أبيدت بالكامل ومسحت من السجل المدني.
يقول جد الطفل، الحاج داوود: "ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي مجزرة مروعة بحق عائلة ابنتي بشرق خان يونس، حين أسقط أكثر من صاروخ على المنزل وأدى هذا إلى استشهاد والد ووالدة تيسير وجدته وعماته وأعماه، ثم بعدها بفترة القى الاحتلال أيضا صاروخ آخر على ما تبقى من المنزل أدى إلى استشهاد جد الطفل".
يضيف داوود لـ"فلسطين أون لاين": "هذا الطفل الناجي الوحيد من هذه العائلة، وحالفه الحظ أنه كان نائم عندي حين تعرض منزل عائلته للقصف بصاروخ إسرائيلي، وشهد دفن كل عائلته أمامه".
يمر على الطفل تيسير حسب جده أيام وليالي ثقيلة بعد استشهاد والديه وشقيقه، خاصة خلال الليلة ومطالبته في كثير من الأوقات معرفة أين ذهب والديه ومصيرهما، وتخيله بأي مكان موجودين حاليًا.
يوضح أنه يحاول دائمًا التخفيف على ابن ابنته من خلال أخذه إلى شاطئ البحر، إيجاد مساحة للعب له مع أطفال بالمخيم الموجود فيه، ولكنه يصطدم بمئات الأطفال الذين فقدوا أيضا جميع أفراد أسرهم.
تتفاقم معاناة الأطفال في غزة لا سيما من فقدوا أحد والديهم أو كليهما، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي الذي يتسبب في ارتفاع أعداد الأيتام داخل القطاع.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن عدد الأطفال الأيتام بلا حماية في قطاع غزة بلغ نحو 17 ألف يتيم، أي ما يعادل 1% من إجمالي عدد النازحين من غزة، بحسب منظمة اليونسيف.
ويعاني هؤلاء الأطفال من الصدمة والانكسار، ويطلق عليهم بحسب منظمة "أطباء بلا حدود": طفل جريح من دون والدين على قيد الحياة.
وهذا التوصيف وصفته المنظمة المذكورة بالمرعب والمخزي فهو بمثابة جرح معنوي للإنسانية.
حاجة للم شمل الأطفال بأقاربهم
وأصبحت مساعدة الأطفال الذين فقدوا جميع أفراد أسرهم على لم شملهم بأقاربهم مهمة شاقة تقع على عاتق الجهات الفاعلة في مجال الحماية، خصوصًا في ظل عمليات النزوح المتكررة وانعدام الأمن الدائم.
ويحتوي قطاع غزة على 4 دور للأيتام تبلغ طاقتها الاستيعابية 2800 طفل، حوّلتها الحرب إلى مراكز لإيواء النازحين.
وبلغت أعداد الأيتام قبل العدوان الأخير الذي بدأ في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، نحو 33 ألفًا وفق آخر إحصاء، ما يطرح تساؤلات بشأن مصير كل هذا العدد من الأيتام في غزة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي.
ويواصل الاحتلال "الإسرائيلي" لليوم الـ 412 على التوالي حرب "الإبادة الجماعيّة" على قطاع غزة، مرتكبًا كافة أساليب القتل والتدمير والتهجير، ومخلفًا عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمفقودين.
وأعلنت وزارة الصحة، اليوم الخميس، ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان "الإسرائيلي" إلى 44,056 شهيدًا و 104,268 إصابة منذ السابع من أكتوبر للعام 2023.