يهدف نظام إحصاءات سوق العمل إلى جمع وتنقيح وتبويب البيانات الخاصة بقوة العمل ومركباتها، وذلك بالحصول على المعلومات الأساسية بشأن حجم وخصائص هذه القوة للتعرف على التغيرات التي قد تطرأ على حالة السوق، وأوضاع العمالة فيه في مراحل زمنية معينة، ما يمكّن من قياس استغلال قوة العمل المتاحة والنشطة اقتصاديًا ومدى تأثيرها في النشاط الاقتصادي كذلك يسهم في تقييم السياسات الاقتصادية لتطوير مستوى العمالة، ويمثّل أداة فعالة في يد صناع القرار والسياسات للتخطيط الشمولي وآليات تطويره بتوفير البيانات الاجتماعية والاقتصادية حول سوق العمل والمشاركين فيه.
وتتنوع مصادر هذه الإحصاءات، فمُسوح قوة العمل توفر البيانات الديمغرافية والاجتماعية بشأن قوة العمل المتاحة في السوق، كما أن مسوح منشآت الأعمال يغطي الجوانب الاقتصادية من هذه الإحصاءات التي تتمثل أساسًا في الأجور والمستحقات وساعات العمل، إضافة إلى الإحصاءات والبيانات المتعلقة بظروف وشروط العمل، إضافة إلى بيانات غير إحصائية تتمثل في اتجاهات التشغيل والتدريب، والهجرة، والتغيرات في التصنيفات المهنية والأنشطة الاقتصادية، وحالات المنازعات العمالية، والتقارير الدورية والدراسية حول سوق العمل، ما يكوّن قاعدة بيانات إحصائية رصينة حول البيانات اللازمة بشأن سوق العمل.
ومن الجدير بالذكر أن إحصاءات سوق العمل يجب أن تمتاز بالشمولية من حيث تغطيتها لجميع الأفراد في سن العمل، مع ضرورة شموليتها الجغرافية، وتناسقها في مصادرها وليس تضاربها أو تنافسها، وهذا ما يستوجب تخطيطًا مركزيًا ينسق جهود جميع الجهات العاملة في هذا المجال الإحصائي المهم، مع الإشارة إلى ضرورة الالتزام بالنُظم والمعايير الإحصائية الدولية في جمع وعرض بيانات وإحصاءات سوق العمل، وتشمل هذه الإحصاءات بيانات أساسية ومنها التعداد السكاني، والقوة العاملة، والبطالة، ومستويات الهجرة وحالة ومستوى الضمان الاجتماعي، والتدريب والتأهيل المهني والتقني، إضافة إلى الإحصاءات المتعلقة بظروف وشروط العمل ومنها الأجور، وساعات العمل، ومنازعات العمل، والإحصاءات الخاصة بالسلامة والصحة المهنية كإصابات وحوادث العمل، وأخيرًا الإحصاءات المتعلقة بالمنظمات المعنية والمُشاركة بسوق العمل ومنها النقابات، والاتحادات العمالية، ومنظمات أصحاب الأعمال إضافة إلى المنظمات والجمعيات الأهلية وغير الحكومية ذات العلاقة.
اقرأ أيضًا: سياسات سوق العمل
اقرأ أيضًا: العرض والطلب في سوق العمل
وترتبط إحصاءات سوق العمل بالتنمية الاقتصادية وسياسات العمل بشكل عام، كما أن فائدتها تمتد لتشمل جميع الأطراف المشارِكة في سوق العمل من مشغلين، وعمال، ومقدمي برامج التدريب والتأهيل كذلك من صانعي السياسات بل والباحثين عن عمل، حيث أنها تسهم في تحديد الاختلالات القطاعية كمًّا ونوعًا في جوانب العرض والطلب، وتساعد طالبي العمل في إقامة مشروعاتهم الخاصة ولا سيما الصغيرة منها، وتحدد الاحتياجات التدريبية لسوق العمل، مع إمكانية توفير قاعدة مشتركة من البيانات تكون أساسًا لحوارات أطراف الإنتاج، كما أن إحصاءات العمل تساعد الباحثين في التنبؤ بالتغيّرات المتوقعة في حجم وخصائص السوق ما يعمل على وضع سياسات تشغيلية فاعلة.
لقد مرت إحصاءات سوق العمل في قطاع غزة بمتغيرات عدة، أسهمت في صعوبة بناء نظام إحصائي مستقر يدعم اتخاذ القرار، وهذا يحذو بنا إلى ضرورة تفعيل وتجويد نظام إحصاءات سوق العمل لما له من انعكاسات نافعة على سوق العمل والعمال، بل ولأصحاب العمل أنفسهم بدعم عجلة الاقتصاد وضمان استمرارية العمل، وتحديد أدوار الأطراف المشاركة في هذا النظام، ورصد الخطط والبرامج الدورية لجمعِ وتنقيح البيانات الإحصائية بشأن سوق العمل وعرضها على صانعي القرار على المستوى الكلي، ما يكفل توفير أرضية صلبة يُستند إليها في التخطيط الاقتصادي والتعليمي، بل ويساعد في تجويد ظروف وشروط العمل في منشآتنا العاملة، ويوفر تكاملية بين جميع الجهات الحكومية وغير الحكومية فيما يتعلق بالبيانات والإحصاءات، ما قد يقترب بنا للوصول ولو جزئيًا من النسب المقبولة عالميًا لإحصاءات ومؤشرات سوق العمل التي في مقدمتها البطالة، ومعدلات المشاركة في سوق العمل، وبالتالي محاولة جادة لتحسين ظروف الحياة.