فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

"المواقف الرسمية متواطئة وعاجزة"..

تقرير قيادي مغربي لـ"فلسطين": الشعوب الحرة لن تصمت على إبادة غزة.. والتطبيع خيانة لا تغتفر

...
قيادي مغربي لـ"فلسطين": الشعوب الحرة لن تصمت على إبادة غزة.. والتطبيع خيانة لا تغتفر
الرباط-غزة/ حوار محمد الأيوبي:

أكد رئيس الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، عبد الصمد فتحي، أن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من مجازر وجرائم إبادة إسرائيلية يفضح هشاشة المواقف الرسمية العربية والإسلامية، ويكشف عمق التناقض بين إرادة الشعوب الحية وصمت الأنظمة "المتواطئة أو العاجزة".

وفي حوار مع صحيفة "فلسطين" أمس، عد فتحي أن الرهان يبقى على الشارع العربي والإسلامي، الذي لا يزال ينبض بالكرامة ويرفض التواطؤ، مشددًا على أن التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي لم يكن سوى خيانة موثّقة لقضية الأمة الأولى.

مواقف رسمية عاجزة

ورأى أن "الموقف العربي والإسلامي تجاه جرائم الاحتلال يتباين بين أنظمة متآمرة، وأخرى خاضعة، وثالثة عاجزة لا تتحرك إلا ضمن هامش ضيق، وينحصر في التحركات الدبلوماسية والمساعدات الإغاثية المادية"، مشددًا على أن مواقف الدول العربية والإسلامية لم ترقَ إلى مستوى التفاعل المطلوب مع العدوان، الذي تجاوز كل وصف في وحشيته وإجرامه.

وأوضح أن هذه الحالة تعكس انقسامًا في الأولويات الرسمية، رغم الإجماع الشعبي الواسع على دعم القضية الفلسطينية. وأضاف: أن "التحرك الفعّال يتطلب توحيد الاستراتيجيات، وتبني أدوات ضغط اقتصادية وسياسية مشتركة، وتعزيز التنسيق مع المجتمع الدولي لتجاوز حالة الجمود التي تكرس الوضع القائم، إلى جانب تحرك الشعوب والمنظمات الحقوقية العالمية لكسر حالة الصمت الدولي".

وفي ظل تقاعس الأنظمة وعجزها، أشار فتحي إلى أن الرهان الحقيقي يبقى على الشعوب، التي يجب أن تُعلِن غضبها في وجه العدوان والجرائم بحق الشعب الفلسطيني، عبر كل أشكال التظاهر والاحتجاج والنضال الشعبي، وكسر قيود التبعية، وانتزاع القرار الحر، وبناء إرادة مستقلة ترفض الإملاءات الصهيونية وتواجهها بثبات وكرامة"، مشددا على أن "معركة فلسطين ليست معركة أرض فقط، بل معركة عقيدة ووعي وكرامة وحرية، والساكت عنها شريك في الجريمة".

وقال "إننا اليوم أمام عجز كلي وشلل تام في دعم إخواننا في فلسطين، الذين يُقتلون ويُذبحون بدمٍ بارد، على مرأى ومسمع من العالم كله"، مشيرًا إلى أن هذا "العجزٌ ليس وليد اللحظة، بل هو نتيجة واقع مرير تعيشه الشعوب العربية والإسلامية داخل سجنٍ كبير، تحرسه أنظمة صنعتها الصهيونية وسخّرتها لحماية مصالحها". وأكمل: "هذا السجن لا يكتفي بخنق حرية الأفراد، بل يصادر إرادة الشعوب، ويعيق أي حركة حقيقية أو فعل مؤثر يمكن أن يواجه العدوان الصهيوني والإجرام المستمر".

شراكة غربية

وعن الموقف الغربي، ذكر فتحي أنه "لا يمكن تجاهل الدور الغربي في هذا العدوان المستمر، فمعظم الدول الغربية هي حليفة للصهيونية، وشريكة في جرائم الإبادة بحق الشعب الفلسطيني، وإن كانت بدرجات متفاوتة".

وأضاف: "أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الشريك الأبرز، بل الفاعل الأصلي في كل ما يحدث، من دعمٍ عسكريٍ مباشر، إلى غطاءٍ سياسيٍ يحمي الاحتلال ويبرر جرائمه في كل المحافل الدولية.

وأوضح أن تواطؤ هذه الدول يتباين بين من يلتزم الصمت، ومن الصمت ما يقتل، وبين من يبرر ويدافع، بل ويحتفي بجرائم الاحتلال، وبين من يمدّه بالمال والسلاح والشرعية الزائفة.

وفيما يخص التطبيع العربي مع الاحتلال، أكد فتحي إن التطبيع كان وبالًا على القضية الفلسطينية، ولم ولن يُستخدم يومًا لصالحها كما زعم مروّجوه، بل على العكس، ساهم في تكبيل الدول المطبّعة، وربطها بشبكة من المصالح والقيود التي منعتها من اتخاذ أي موقف داعم حقيقي".

وأضاف: "أن بعض هذه الأنظمة لعب دورًا مباشرًا في تسهيل عمليات الإبادة الجارية، وفتح الطريق أمام مخططات تصفية القضية الفلسطينية خدمةً للمشروع الصهيوني ومصالحه. وذهب إلى أن "التطبيع المعلن أو الخفي من الأسباب الكبرى في هذا الشلل الذي يعيق الأمة اليوم أن تتصدى للعدوان الصهيوني على غزة وكل فلسطين".

وانتقل فتحي للحديث عن الموقف المغربي، وقال: "للأسف، جاء الموقف الرسمي المغربي من العدوان على غزة دون المستوى المطلوب، بل اتّسم في معظمه بالصمت، إلا في حالات نادرة لا ترقى إلى حجم المجزرة والكارثة الإنسانية الجارية".

وخلص إلى "هذا الموقف لا يعكس إرادة الشعب المغربي، ولا يمثّل نبض الشارع الذي عبّر بكل وضوح عن تضامنه مع إخوانه في فلسطين، وخرجت فيه الآلاف إلى الساحات، تنديدًا بالعدوان، واستنكارًا للجرائم الصهيونية والإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني".

واعتبر أن التناقض بين صمت الرسميين وهتاف الجماهير يُعري الفجوة بين السلطة والشعب، ويؤكد أن الشعوب الحرة ما زالت تنبض بالإيمان والكرامة، وترفض أن تكون شريكة في الصمت أو التواطؤ.

رسائل مغربية

وأشار إلى أن المغرب شهد تظاهرات وفعاليات متواصلة طيلة فترة العدوان على غزة، في دلالة واضحة على ارتباط الشعب المغربي بإخوانه في فلسطين، مستحضرًا الدور المغربي التاريخي الذي يعود إلى عهد صلاح الدين الأيوبي، الذي خصص للمغاربة حارة في القدس، شاهدة على دورهم وارتباطهم العميق بالقدس والمقدسات. وأشار إلى أن هذا الارتباط يأخذ أبعادًا عقائدية دينية، وأخرى عروبية قومية، إضافة إلى البعد الإنساني الذي يعبّر عن ضمير الشعب المغربي الحي.

واعتبر أن الحراك الشعبي المغربي ضد الإبادة يحمل رسائل، أولها تعبير عن التضامن ووحدة المصير، وتأكيد على وحدة الساحات مع إخوانهم في فلسطين، وثانيها إدانة للعدوان الإسرائيلي الوحشي، ورفض تام لإجرامه المتواصل، وثالثها استنكار للصمت الغربي، بل ولتآمره وتواطئه مع الاحتلال، ورابعها إدانة واضحة للتطبيع المغربي، ومطالبة بإسقاط كل اتفاقيات الخزي والعار مع هذا الاحتلال، وقطع كل أشكال العلاقة معه.

وحول سبل تحويل هذا الحراك الشعبي إلى خطوات عملية، أوضح فتحي أنه يخضع لرؤية شاملة تجمع بين العمل الميداني والسياسي والإعلامي. وأوضح أن أول خطوة تكمن في تعبئة الشعب المغربي من أجل كسب معركة الوعي وتحصين الذاكرة من الاختراق الإسرائيلي، بهدف الحفاظ على جاهزية الشعب للمشاركة في معارك الدعم والإسناد لفلسطين، باستخدام كافة الوسائل المتاحة والمشروعة.

وأضاف: أن الضغط على الدولة المغربية للقيام بخطوات ملموسة للضغط على الاحتلال هو هدف أساسي، عبر استخدام جميع الوسائل الممكنة، بالإضافة إلى لعب دور دبلوماسي فعال في دعم قرارات الأمم المتحدة التي تدين العدوان، وتدعو إلى وقف إطلاق النار، وتطالب بفرض عقوبات على الاحتلال.

لكنه استدرك قائلاً: "في ظل الاستبداد والفساد، يصبح تفاعل الدولة مع نبض الشارع أمرًا بعيد المنال، إلا إذا كان من ضمن أولويات الحراك الشعبي إسقاط الفساد والاستبداد. ذلك من أجل استعادة زمام الأمور بيد الشعب، وتحقيق استقلال القرار المغربي عن أي تبعية للخارج".

وشدد على أن من أهم محاور العمل هو إسقاط التطبيع وقطع جميع العلاقات الدبلوماسية مع (إسرائيل)، وإلغاء كافة اتفاقيات التطبيع، ووقف جميع أشكال التعاون معه. كما دعا إلى المشاركة في مختلف أشكال الدعم، سواء كان ماديًا، إغاثيًا، إعلاميًا، ثقافيًا، حقوقيًا، أو قضائيًا، مع العمل على تنسيق الجهود الوطنية والدولية لدفاع عن حقوق الفلسطينيين، ومواجهة الغطرسة الإسرائيلية.

وختم فتحي حديثه: "لا معنى لحراكنا إذا كان منفصلًا عن التوكل على الله، لأن هذا هو أساس القوة التي لا تُقهر، والباعث على الأمل الذي لا يخيب، والمُذلل لكل الصعاب مهما عظمت.. المعركة، إذا ما قُيِّمت بموازين الدنيا، قد تثير في النفس ثقافة الخنوع والهزيمة والاستسلام، ولكن بموازين السماء، مهما عظمت الشدائد والمحن أو كبرت المؤامرات والمكائد، فإن الله أكبر".

المصدر / فلسطين أون لاين