فلسطين أون لاين

"المصالحة المجتمعية".. قفز على الجراح وموطئ قدم على طريق الوحدة

...
غزة - يحيى اليعقوبي


نحو تجاوز الآلام التي خلفها الانقسام الفلسطيني، يبدأ قطار المصالحة المجتمعية السير على مساره تجاه محطة إعادة اللحمة بين أبناء الشعب الفلسطيني، وموطئ قدم نحو تحقيق الوحدة الفلسطينية الشاملة، في خطوة عُدّت فرصة لتوفير مناخ لتجاوز إحدى أهم العقبات التي وقفت أمام تحقيق المصالحة، لإنعاش الآمال بالوصول لمصالحة وطنية من جديد.

وكانت لجنة المصالحة المجتمعية قد بدأت عملها بعقد مصالحة مجتمعية مع عائلتي سلامة وأبو حرب في محافظة رفح، الأمر الذي يدفع للتساؤل حول أهميتها على صعيد إحداث خرق في جدار الانقسام، ومدى إمكانية توفير فرص لتحقيق الوحدة، والمطلوب من الكل الفلسطيني لنجاحها.

وتيرة إيجابية

عبد الحميد المصري، القيادي في حركة فتح بغزة والمقرب من النائب محمد دحلان، أكد أن وتيرة المصالحة المجتمعية تسير بشكل "مُرضٍ"، وأن ما وصل من الأموال يكفي لعمل اللجنة.

وقال المصري لصحيفة "فلسطين": "إن ما حصل مجرد البداية في العمل الذي سيأخذ وقتا كبيرا حتى يتم إنهاؤه، نظرًا لحجم الضحايا الكبير، إلا أننا في المراحل القادمة يمكن أن يتم إبرام مصالحة لأكثر من عائلة في جلسة واحدة لإنهاء مشكلتهم".

إلا أنه نوه إلى عدم وجود سقف زمني لإنهاء الملف، كما يحدث في بعض الدول التي تحدث فيها انقسامات، فقد يأخذ الملف عدة سنوات، باعتباره يشمل كل الفئات وستحاول اللجنة رد الحق لكل صاحب.

وأشار إلى تفاجئ اللجنة من تقبل الناس لمسألة العفو عن الخصم، وقبول مبلغ "جبر الضرر" الذي تقدمه اللجنة، منوها إلى أن كثيرا من المواطنين "يتصلون بنا طلبا لإنهاء ملفاتها سواء من حماس أو فتح".

وأفاد بأن أعداد ضحايا التي خلفها الانقسام الفلسطيني في حزيران/ يونيو 2007 تقدر بنحو 300 ضحية.

وفي السياق، لفت المصري إلى أن الخطوات السابقة دليل على أن الأمور تسير وفق الخطة المرسومة المتوافق عليها من كل الفصائل الفلسطينية، مؤكداً أن انتهاء مشكلة الدماء بين الخصوم، ستكون رافعة كبيرة لعمل المصالحة الوطنية وتصفية الأجواء لتحقيق الوحدة.

وأشار إلى عدم وجود عقبات أمام عمل اللجنة حتى اللحظة، وأن الأمور تسير بشكل مُرضٍ وأفضل من التوقعات.

وشدد على أن المطلوب من الكل الفلسطيني أن يشكلوا رافعة لهذا العمل لإنهاء الملف، وإرضاء نفوس الناس الذين أصابهم الضرر خلال أحداث الانقسام.

توفير مناخ

الكاتب والمحلل السياسي د. هاني حبيب، يرى أن المصالحة المجتمعية فرصة لتوفير المناخ لتحقيق مصالحة فلسطينية داخلية وقفت أمام إنجازها الكثير من العقبات، لإنعاش آمال إمكانية الوصول لمصالحة حقيقية، التي لا يمكن الوصول إليها دون إنهاء مشكلة متعلقة بالوضع الاجتماعي الناجم عن أحداث الانقسام.

وقال حبيب لصحيفة "فلسطين": "مهم أن تزول إحدى أهم العقبات التي تركت آثارًا سلبية وخلقت أجواءً من الاحتقان الداخلي الفلسطيني، وشكلت عقبة أمام أي حل يمهد لمصالحة شاملة"، موضحًا أن البدء بالمصالحة بحاجة لاحتواء للأزمات الداخلية بإحداث وضع اجتماعي أفضل.

وأشار إلى أن كل المصالحات على نطاق المشاكل المشابهة للانقسام الفلسطيني والتي حدثت بجنوب أفريقيا والمغرب العربي وغيرها من الدول، بدأت بالمصالحة المجتمعية رغم الفروقات بين المجتمعات.

وإزاء قدرة المصالحة المجتمعية على إحداث خرق في جدار الانقسام، رجح حبيب حدوث ذلك "نظرا لوجود نوايا حقيقية لدى مختلف الأطراف لهذا المسعى، وأي عقبات أمام تحقيق المصالحة ستزول مع الوقت، سيما وأن شعبنا ينشد ويتطلع لمصالحة داخلية".

وعدّ الكاتب السياسي، ما أنجز حتى اللحظة من أعمال لجنة المصالحة "جيد ويبشر بآمال أفضل عن ما قبل البدء بخطوات جديدة في هذا السياق".

وشدد على أن ما توفر من الإرادة والإمكانات المالية هو بحدود معينة حتى اللحظة، خاصة أن التوجهات القائمة أفرزت مشاعر أكثر إيجابية لدى المواطنين فيما يتعلق بمشاعر الانتقام في قضية الانقسام.

وأهمية المصالحة المجتمعية في هذا التوقيت، والكلام لحبيب، أنه كان دائما يتم القفز عن كل الملفات لإنجازها، والتي كان ينقصها توفر الإمكانات المالية التي أصبحت الآن متوفرة وهو ما سينعكس إيجابا على بقية الملفات.

وعن تأثيرها على ملف المصالحة برمته، أكد أن الأخيرة يجب أن تتم بين الفرقاء الرئيسين (حماس وفتح)، مستدركًا: "لكن هذا لا يمنع من وجود تفاهمات طبيعية تشكل ضغطا على الطرفين من أجل الوصول لمصالحة بينهما".

وتوقع أن تضغط التفاهمات التي جرت بين حماس والنائب عن حركة فتح محمد دحلان على رئيس السلطة محمود عباس للاستجابة لمتطلبات المصالحة.