فلسطين أون لاين

مدير مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات

حوار صالح: عجز قيادة (م.ت.ف) والسلطة عن مواجهة الاحتلال يهدد القضية الفلسطينية

...
د. محسن صالح مدير مركز الزيتونة للدراسات والأبحاث في بيروت (أرشيف)
بيروت-غزة/ أدهم الشريف:

أكد مدير مركز الزيتونة للدراسات والأبحاث في بيروت د. محسن صالح، أن عجز قيادة منظمة التحرير والسلطة الحالية في رام الله، عن مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته وخططه ومشاريعه، خطر كبير يهدد القضية الفلسطينية.

وعدَّ صالح في حوار مع صحيفة "فلسطين"، أمس، أن هذا الخطر يمثل تحديًا كبيرًا أمام "المشروع الصهيوني الضخم المسنود عالميًا" مقابل إمكانات عاجزة لمؤسسات المنظمة والسلطة التي لم تستوعب طاقات الشعب الفلسطيني.

وأضاف أن قوى فلسطينية كبيرة منها حماس والجهاد الإسلامي، وغيرها من قوى المقاومة، غير مستوعبة في منظمة التحرير، وهذه إحدى النتائج الكارثية لتعطيل الانتخابات العامة -تشريعية، رئاسية ومجلس وطني- والتي كانت مقررة العام الماضي.

كارثة كبيرة

ونبَّه إلى أن "الكارثة الأكبر" أن يشكل شخص واحد (في إشارة إلى رئيس السلطة واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير محمود عباس) "حالة سيادية تقرر مصير شعب كامل في الداخل والخارج، تجري الانتخابات متى شاءت، وتتخذ قراراتها بناءً على شرعيات خارجية، عربية أو دولية، ولا تستند إلى الشرعية الحقيقية، وهي شرعية الشعب الفلسطيني".

وأشار إلى أن كل هذا يتزامن مع تغول "المشروع الصهيوني"، وتصاعد وتيرة تنفيذ مخططاته، وكذلك الانتهاكات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

قيادة انتقالية

وفيما يتعلق بانتخابات المجلس الوطني، ومدى إمكانية إجرائها، قال صالح: إنه "طالما أن القيادة الحالية موجودة على رأس منظمة التحرير والسلطة، من المستبعد إجراء انتخابات مجلس وطني يمثل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، إلا إذا تأكدت هذه القيادة أنه سيعاد انتاجها من جديد".

"في ظل وجود قوى منافسة تسعى إلى شراكة وطنية وتفعيل المؤسسات وإدخال القوى والكفاءات والخبرات وطاقات شعبنا الهائلة إلى بنية هذه المنظمة، فإن القيادة الحالية لن تقبل بإجراء الانتخابات؛ لأن قيادة المنظمة غير مؤهلة إلى فتح المجال لصناعة قرار فلسطيني يستند إلى إرادة شعبية، وهي تريد استمرار ممارسة هذا الدور بغض النظر عن شرعيتها" كما قال صالح.

وأكد أن الحل يتمثل بإيجاد قيادة انتقالية موثوقة، لأن قيادة المنظمة الحالية فقد الشعب الفلسطيني الثقة فيها عندما عطل رئيسها الانتخابات بغير وجه حق.

وأضاف مدير مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، ومقره العاصمة بيروت: أن من أبرز المخاطر التي تواجه المنظمة؛ جهة متنفذة تتحكم بقيادتها وتمنع إعادة بناء وترتيب البيت الداخلي، وتعلق العمل المؤسسي، وهذا أوجد بيئة رسمية فاشلة غير قادرة على استيعاب مكونات ومقدرات وإمكانات شعبنا بإمكانياته وقدراته وفصائله ورموزه.

وتابع: "هذه البنى الفلسطينية تحتاج إلى تجديد بناها الشرعية خاصة أن بعضها منذ 20 سنة لم يعاد انتخابه أو ترتيبه، وهذا أدى إلى تضاءل منظمة التحرير بشكل كبير وهيمنة السلطة عليها، وأصبحت إحدى دوائرها بينما يفترض أن تمثل الشعب الفلسطيني ككل".

وهذا كله جعل المنظمة -والقول لصالح- "في غرفة إنعاش تستخدم فقط لختم وتمرير قرارات قيادة المنظمة والسلطة، وأفقد الشعب الفلسطيني في الخارج دوره وتأثيره بسبب قيادة تفقد الرؤية والاتجاه لمقاومة الاحتلال وصناعة القرار واستثمار قدرات شعبنا".

التطبيع.. مؤشر خطِر

وبشأن التطبيع بين الاحتلال ودول عربية، أكد صالح أن "المشروع الصهيوني" ساهم في اختراق الجدران العربية التي كان يستند إليها شعبنا في مواجهة الاحتلال، للالتفاف على قضيتنا الوطنية والاستفراد بها، وهذا مؤشر خطِر لوجود أنظمة تضع نفسها موضع مطاردة قوى المقاومة الفلسطينية في بلدان عربية وتشويهها وتسخير الإعلام ضدها.

ورأى أن ذلك "يدلل على أن هذه الدول تماهت مع المشروع الصهيوني في عدة ملفات، منها محاربة المقاومة الفلسطينية، وهذا مؤشر خطِر نتيجة التطبيع الذي حول الاحتلال من كيان سرطاني يُنظر إليه أنه عدو إلى كيان صديق".

وشدد على أن هذا يتطلب إعادة توجيه بوصلة الأمة والبلدان العربية، بدلاً من التطبيع مع الاحتلال والتعايش معه، بما يضمن استبعاد الشراكة مع "العدو الصهيوني".

وفي السياق، أكد هذا التطبيع الحاصل حاليًا "يبقى سطحيًا، ولن يستطيع اختراق جسد الأمة والشعوب التي تعبر عن أصالتها بالتعاطف والتضامن والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال وانتهاكاته".

"هزة كبيرة"

من جانب آخر، أكد صالح أن معركة "سيف القدس" التي خاضتها فصائل المقاومة وفي مقدمتها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس في مايو/ أيار 2021 "أحدثت هزة كبيرة في كيان الاحتلال، ونجحت في الربط بين غزة والقدس المحتلة، وأثبتت قدرة المقاومة على الدفاع عن القدس رغم الحصار والتضييق".

وأضاف: "هذه المعركة أثبتت أن القضية واحدة، وأن القدس هي قلب الأمة، وأرسلت رسالة كبيرة للاحتلال بأن يفكر ألف مرة قبل الاستفراد بقدسنا"، منبهًا إلى أن الاحتلال فوجئ بقدرات المقاومة التي تم تطويرها تحت حصار خانق.

وبين أن المقاومة فرضت معادلتها على الاحتلال وجعلته يراجع خططه التي ثبت فشلها طيلة السنوات الـ 16 الماضية، والتي فرضت خلالها حصارًا خانقًا على غزة، إلا أن الأخيرة تصدرت المشهد في الدفاع عن القدس وأهلها في ظل تصاعد الانتهاكات ووتيرة التهويد فيها.

استحقاقات الشعب

من ناحية أخرى، أكد مدير مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، أهمية مبادرة الجزائر في عقد حوارات مع الفصائل من أجل إحداث اختراق في ملف المصالحة الوطنية.

وأشار إلى أن حركة "فتح" التي تتحكم بمنظمة التحرير والسلطة هي من تملك مفاتيح المصالحة، في وقت تبدي فيه أطراف فلسطينية أخرى تنازلات كبيرة مقابل أن تتم العملية الانتخابية وإجراءات المصالحة.

وأكمل صالح: الشعب الفلسطيني ليس لديه مشكلة، وهو يريد المصالحة وترتيب البيت الداخلي، لكن المشكلة المفروضة على شعبنا "وجود قيادة لا تريد الذهاب لهذه الاستحقاقات لأنها تخشى على نفسها من التغير أو إيجاد شراكات حقيقية تعيد ترتيب المسار الفلسطيني تجاه مشروع المقاومة وليس تجاه مسار التسوية، أو إعادة تحويل مسار عمل السلطة من كيان وظيفي يخدم الاحتلال إلى كيان يخدم المشروع الوطني".

وأكد أن "هذا الملف لا يعني انقسامًا بين طرفيْن رئيسيْن، والحقيقة أن جوهر الانقسام وجود طرف مهيمن لديه بيئة عربية ودولية داعمة ولا يرغب النزول عن الشجرة أو الذهاب إلى الاستحقاقات التي تعبر عن الإرادة الحقيقية للشعب الفلسطيني"، في إشارة منه إلى حركة "فتح" والسلطة في رام الله.