دعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الأمم المتحدة بضرورة إرسال فرق متخصصة في الطب الشرعي ومعدات لازمة للبحث عن مفقودين في قطاع غزة والتعرف على جثامين الشهداء الذين تم إعدامهم في مجمع ناصر الطبي بخانيونس من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وقالت الحركة، في تصريح صحفي، اليوم الخميس، إنه "مع استمرار الفرق الطبية في العثور على جثامين لشهداء تم إعدامهم من قبل جيش الاحتلال الفاشي، ودفنهم في مقابر جماعية في مجمع ناصر الطبي في مدينة خانيونس؛ فإننا نجدد مطالبتنا للأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية ذات العلاقة بضرورة إرسال فرق متخصصة في الطب الشرعي ومعدات لازمة للبحث عن المفقودين والتعرف على الجثامين، خاصة أن أكثر من نصف عدد الجثامين التي تم العثور عليها حتى الآن، والبالغة 292 جثماناً في مجمع ناصر فقط، لم يتم التعرف على هويتها".
وشددت على ضرورة تشكيل لجنة دولية مستقلة فوراً، للتحقيق في هذه الجرائم البشعة التي تتكشّف يوماً بعد يوم، من مقابر جماعية ضمت أجساد مرضى وجرحى مدنيين وأطفال ونساء، تعرّضوا لتنكيل وتعذيب وحشي، إضافة إلى مؤشرات على دفن بعضهم أحياء.
وفي ذات السياق، حذّرت الحركة من التغاضي عن هذه الجرائم، والاستمرار في سياسة الحماية والتغطية عليها، وتمكين المجرمين من الإفلات من العقاب.
لليوم السادس على التوالي، تتواصل عمليات البحث عن مقابر جماعية وجثامين مدفونة في مجمع ناصر الطبي بخانيونس جنوبي قطاع غزة، بعد انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وفي أحدث التفاصيل، أكد الدفاع المدني في قطاع غزة اليوم الخميس أن المقابر الجماعية التي اكتشفت في محيط مجمع ناصر الطبي بخان يونس جنوبي القطاع أظهرت بالأدلة الجرائم الإسرائيلية ضد الإنسانية.
وكشف الدفاع المدني، عن اكتشاف جثامين تظهر عليها آثار التعذيب والدفن على قيد الحياة، بعضها كان لأطفال.
وقال الدفاع المدني -في مؤتمر صحفي- إنه انتشل حتى الآن نحو 392 جثمانًا من 3 مقابر جماعية في ساحة مجمع ناصر بعد انسحاب الاحتلال منه، وذلك منذ بدء عمليات انتشال الجثامين قبل أسبوع.
وأفاد الدفاع المدني بأن 58% من الجثامين المنتشلة لم يتم التعرف عليها، وأن هناك جثامين لأطفال بعضها مقطوع الأطراف، قائلا إنه لا يملك تفسيرًا لوجود جثامين لأطفال بالمقبرة الجماعية.
ولفت إلى، أنه عثر على آثار تعذيب على جثث بعض الشهداء في المقبرة الجماعية بمستشفى ناصر، مضيفا أن نحو 10 جثث كانت مكبلة الأطراف، كما أن المصل الطبي كان لا يزال معلقا ببعض الجثث، ما يشير إلى إمكانية دفن الضحايا أحياء.
وقال إنه يعتقد أن قوات الاحتلال دفنت 20 شخصًا على الأقل بالمقبرة الجماعية وهم على قيد الحياة، مشيرًا إلى أن الاحتلال دمر جميع مختبرات الطب الشرعي في القطاع، لذا لا يمكنهم التأكد من ذلك.
وأكد الدفاع المدني أن عددًا من أهالي الشهداء الذين استخرجت جثاميهم من المقابر الجماعية، أكدوا أنهم كانوا أحياء ويتواصلون معهم عبر الهاتف قبل اجتياح قوات الاحتلال للمستشفى.
إخفاء الأدلة
وأوضح الدفاع المدني بغزة أن الاحتلال عمد لإخفاء الأدلة على جرائمه بمجمع ناصر عبر تغيير الأكفان البلاستيكية أكثر من مرة، كما عمد جيش الاحتلال إلى دفن عددًا من الجثث بمجمع ناصر في أكياس بلاستيكية على عمق 3 أمتار، مما سرع تحللها.
كما ونبه، إلى أن الأكفان البلاستيكية غير مستخدمة من قبل الطواقم الطبية في قطاع غزة، وذلك بعد ادعاء الاحتلال أمس الأربعاء أنه لم يدفن جثثا لفلسطينيين في مجمع ناصر.
كما قال إن الاحتلال أخرج جثامين شهداء كانت الطواقم الطبية دفنتها خلال الحصار، وغيّر أكفانها، وأعاد دفنها في المقابر الجماعية.
مطالبة بتحقيق
وطالب الدفاع المدني بتحقيق دولي في جرائم الاحتلال، مشيرًا إلى أنه سيقدم كافة الأدلة للجهات الدولية، مبديًا استعداده للتعاون.
من جهتها، أكدت منظمة العفو الدولية، الخميس، أن الاكتشاف "المروع" للمقابر الجماعية في قطاع غزة "المحتل"، يستدعي "الحاجة الملحة للحفاظ على الأدلة وضمان الوصول الفوري" لمحققي حقوق الإنسان إلى القطاع.
وقالت المنظمة الحقوقية (مقرها لندن) في منشور عبر منصة "إكس" إن "الاكتشاف المروّع لمقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة الملحة لضمان الوصول الفوري لمحققي حقوق الإنسان إلى قطاع غزة المحتل لضمان الحفاظ على الأدلة".
وفي السياق، طالبت المنظمة بإجراء تحقيقات "مستقلة وشفافة "بهدف ضمان المساءلة عن أي "انتهاكات" للقانون الدولي في القطاع.
وقالت إريكا جيفارا روساس، كبيرة مدراء البحوث وأنشطة كسب التأييد والسياسات والحملات في منظمة العفو الدولية: "إنَّ الاكتشاف المروّع لهذه المقابر الجماعية يؤكد الحاجة الملحة لضمان الوصول الفوري لمحققي حقوق الإنسان، بمن فيهم خبراء الطب الشرعي، إلى قطاع غزّة المحتل لضمان الحفاظ على الأدلة، وإجراء تحقيقات مستقلة وشفافة بهدف ضمان المساءلة عن أي انتهاكات للقانون الدولي".
وأضافت: "إنَّ عدم تمكن محققي حقوق الإنسان من الوصول إلى غزّة قد أعاق إجراء تحقيقات فعَّالة تغطي النطاق الكامل لانتهاكات حقوق الإنسان والجرائم بموجب القانون الدولي التي ارتكبت على مدى الأشهر الستة الماضية، مما سمح بتوثيق جزء ضئيل فقط من هذه الانتهاكات".
وأكدت إريكا جيفارا روساس، أنه "وبدون إجراء تحقيقات مناسبة لتحديد كيفية حدوث هذه الوفيات أو الانتهاكات التي ربما تكون قد ارتكبت، فقد لا نكتشف أبدًا حقيقة الفظائع الكامنة وراء هذه المقابر الجماعية".
وتابعت: "إنَّ غياب خبراء الطب الشرعي وتدمير القطاع الطّبي في غزّة نتيجة للحرب والحصار الإسرائيلي القاسي، إلى جانب عدم توفر الموارد اللازمة للتعرف على الجثث مثل اختبار الحمض النووي، تُشكل عقبات هائلة أمام التعرف على الرفات. وهذا يحرم من قُتِلوا من الدفن اللائق، ويحرم العائلات التي لديها أقارب مفقودون أو مختفون قسرًا من الحق في المعرفة والعدالة ـ مما يتركهم في حالة من عدم اليقين والمعاناة".
وأضافت: "إنَّ ضمان الحفاظ على الأدلة هو من بين التدابير الرئيسية التي أمرت محكمة العدل الدولية السلطات الإسرائيلية باتخاذها من أجل منع الإبادة الجماعية. في خضم الغياب التام للمساءلة، والأدلة المتزايدة على جرائم الحرب في غزّة، يجب على السلطات الإسرائيلية ضمان امتثالها لقرار محكمة العدل الدولية".
وكان الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة طالبا أمس الأربعاء بتحقيق مستقل باكتشاف المقابر الجماعية في مستشفيي ناصر جنوب القطاع والشفاء شماله، كما طالبت واشنطن إسرائيل بتقديم "إجابات" حول المقابر الجماعية.