تدلل المؤشرات الاقتصادية والوقائع على الأرض، على فشل السلطة في رام الله في إدارة اقتصادها بصورة سليمة، وهو ما جعل الاقتصاد الفلسطيني هشًّا مشوَّهَ البنية، في ظل التراخي عن إحداث إصلاحات مطلوبة على السياسة الكلية والمالية للسلطة.
وإزاء ذلك يؤكد مراقبون اقتصاديون، أهمية تطوير السياسات والتشريعات المحفزة لتعزيز دور الاقتصاد في إحداث التنمية المستدامة في الزراعة والصناعة والسياحة التي تعد مصادر دخل رئيسة في سبيل تحقيق الاعتماد على الذات والتحرر من التبعية الاقتصادية للاحتلال. فضلًا عن عدم الرهان على التمويل الخارجي، مع فتح المجال لجذب الاستثمار في فلسطين، ومكافحة أوجه الفساد المالي.
يقول الاختصاصي الاقتصادي د. نور أبو الرب، إن المتتبع لنهج السلطة في إدارة اقتصادها، يتبين له أن النهج يفتقر إلى خطط محددة بأوقات زمنية معينة، وقياس النتائج وأساليب التقويم بحيث تُعالج المشكلات، وتُذلَّل العقبات، وتُعزَّز النتائج الإيجابية.
وأضاف أبو الرب لصحيفة "فلسطين"، أن الاقتصاد الفلسطيني بأمس الحاجة إلى سياسة اقتصادية من شأنها أن ترتقي بالواقع الزراعي والاقتصادي والسياحي، التي تعد من أبرز مصادر الدخل، مشيرًا إلى أن ذلك يمكن أن يحدث إذا ما أفردت السلطة في موازنتها السنوية مخصصات مالية كبيرة لتلك الحقول، مع تشجيع البحث العلمي في هذا الإطار.
وجدد تأكيده أن المنتج الوطني يحتاج إلى سياسات حمائية، وتعزيز في السوق المحلي، لأن ذلك يفتح مجالات واسعة لتشغيل الأيدي العاملة ومن ثم خفض معدلات البطالة.
وأشار أبو الرب، إلى أنه ينبغي للسلطة عدم الرهان على أموال الدعم الخارجي، إذ تبين في السنوات الأخيرة كيف وجدت السلطة نفسها في أزمة مالية من جراء تراجع الدعم الخارجي، بل ومقايضتها على الاستمرار في الحصول على الدعم مقابل تقديم تنازلات سياسية تمس بالقضية الفلسطينية وتخدم الاحتلال الإسرائيلي.
فشل الحد من تصاعد الدين العام
من جهته أكد الاختصاصي الاقتصادي د. نائل موسى أن السلطة فشلت في وضع حد لتصاعد فاتورة الدين العام، وهو ما يتسبب في هدر للمال العام، وضياح حقوق الأجيال القادمة.
وارتفع الدين الحكومي إلى مستويات قياسية ليصل مع نهاية إبريل/ نيسان إلى 12 مليار شيقل منها 7.7 مليارات دين محلي وقرابة 4.3 مليارات دين خارجي دون احتساب المتأخرات المتراكمة للقطاع الخاص، والتي تصل إلى 18 مليار شيقل.
وبين موسى في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن استمرار العجز في الميزان التجاري لصالح المنتجات المستوردة خاصة الإسرائيلية، قوض الإنتاج الوطني، وحول السوق الفلسطيني مكبًّا للبضائع المستوردة.
وحسب جهاز الإحصاء، قفز عجز الميزان التجاري الفلسطيني مع الاحتلال (الفرق بين قيمة الصادرات والواردات) بنسبة (5.8%) في أغسطس الماضي على أساس شهري، وبلغت قيمة العجز التجاري الفلسطيني مع الاحتلال في أغسطس (179) مليون دولار صعودًا من (169.2) مليون دولار في يوليو السابق له.
وشكلت الواردات الفلسطينية من الاحتلال ما نسبته (55%) من مجمل الواردات الفلسطينية في أغسطس والبالغة (560) مليون دولار.
وأكد موسى أهمية إحداث تعديلات في السياسات والقوانين من أجل تذليل الصعوبات أمام الراغبين في الاستثمار وتوفير بيئة جاذبة للاستثمار ولا سيما للفلسطينيين المغتربين حول العالم ولديهم رؤوس أموال تستثمر في الخارج. كما دعا إلى مكافحة أوجه الفساد، وهدر المال العام.