لم يحرك عداد الموت المتواصل في قطاع غزة، وجرائم الإبادة الجماعية، التي ترتكبها دولة الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين في القطاع، واستهداف المستشفيات، والطواقم الطبية، والصحفيين، المجتمع الدولي من أجل التحرك لإدانة الاحتلال، وإلزامه بوقف القتل وتلك الجرائم.
يشكل صمت وعجز المجتمع الدولي تجاه الإبادة الجماعية بحق سكان قطاع غزة، تواطؤ من قبل مؤسسات ودول هذا المجتمع، إضافة إلى أنه قد يكون شريك في هذه الجرائم من خلال مواصلة دعمه مع دولة الاحتلال.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، تشارك الولايات المتحدة عبر إرسال شاحنات الأسلحة والصواريخ إلى "إسرائيل"، وممارسة التضييق على المؤسسات الإغاثية، أبرزها وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" من خلال تعليق دعمهم المالي لها في بداية العدوان.
وجاء إقرار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بأن، المجتمع الدولي لا يبذل جهودًا كافية من أجل غزة، أبرز دليل على تواطؤ مؤسسات ودول المجتمع الدولي بتنفيذ التزاماتها القانونية والأخلاقي تجاه قطاع غزة.
حركة حماس، وصفت تعامل المجتمع الدولي مع الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة بأنه "يجسد صورة غير مسبوقة من العجز والاختلال في المنظومة الدولية".
وقالت الحركة، في بيان لها: "تعامل المجتمع الدولي مع جرائم الاحتلال، يجسد صورة غير مسبوقة من صور العجز والاختلال في المنظومة الدولية يُنذِر بانهيارها، مع كافة القِيَم والأُسُس التي قامت عليها".
بدوره، أكد رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" صلاح عبد العاطي، أن المجتمع الدولي ومؤسساته الدولية لديها التزامات أخلاقية وحقوقية بوقف جرائم الإبادة الجماعية، ضد قطاع غزة من خلال منظمات الأمم المتحدة وأجسامها، والإرادة السياسية للدول، عبر فرض العقوبات واستخدام القوة الجبرية أم الفردية أو الجماعية ضد دولة الاحتلال.
وقال عبد العاطي في حديثه لـ"فلسطين أون لاين": "المجتمع الدولي يفتقد للإرادة الجماعية، بدءًا من الولايات المتحدة التي دعمت الاحتلال عسكريًا وماليًا، إضافة إلى استخدامها سياسية واستخدام حق النقض الفيتو في مجلس الأمن لوقف قرارات إدانة الاحتلال، وكذلك، الدول الاستعمارية وهو ما ساهم بعدم وقف المجتمع الدولي للإبادة الجماعية المستمر.
وأشار إلى، أن عجز المجتمع الدولي من القيام بواجباتها الأخلاقية والقانونية مكن الاحتلال من الاستمرار في جرائم الإبادة الجماعية ضد سكان قطاع غزة، على مدار أكثر من 14 شهرًا، وهو ما خلف أكثر من 60 ألف شهيد و107 جريح وتحويل قطاع غزة إلى نازحين واعتقال الآلاف، وتدمير 86 من ممتلكان وأعيان القطاع.
وأوضح أن عجز المجتمع الدولي من القيام بواجباته وصل على حد التواطؤ مع الاحتلال ضد الإنسانية.
بينما يؤكد المختص في قانون حقوق الإنسان والقانون الدولي وائل أبو نعمة، أن قطاع غزة يتعرض لجريمة إبادة جماعية أمام العالم الذي هو امام امتحان حقيقي حول ما يحدث من جرائم، في ظل عدم تطبيق القانون الدولي على سلطات الاحتلال.
وقال أبو نعمة في حديثه لـ"فلسطين أون لاين": "ميثاق روما لحقوق الإنسان يوجد به مادة تسمى جريمة العدوان، وهي تطبق في الحالة التي يعيشها الشعب فلسطيني، وتنص على قيام شخص ما، له وضع يمكنه فعلًا من التحكم في العمل السياسي أو العسكري للدولة أو من توجيه هذا العمل بتخطيط أو إعداد أو بدء أو تنفيذ عمل عدواني يشكل بحكم طابعه وخطورته ونطاقه".
وأوضح، أن الدعوة القضائية التي رفعتها دولة جنوب إفريقيا أمام المحكمة الجنائية تضمنت حوالي 200 صفحة من تصريحات قادة الاحتلال الذين دعوا للعدوان والإبادة في غزة، وهي أدلة مباشرة تدين الاحتلال وقادته، في حين لا تسعى الولايات المتحدة الأمريكية لتطبيق هذه العدالة، وتهديد المحكمة الجنائية الدولية بفرض العقوبات على المحكمة وشخصياتها.
وأشار إلى، أن المنظومة الدولية القانونية قد تنهار في حالة عدم اتخاذ أي إجراءات ضد دولة الاحتلال التي تواصل تنفيذ جرائم الإبادة الجماعية بحق سكان مدنيين عزة في قطاع غزة، معتبرًا أن عدم تغيير الأمم المتحدة لبنيتها القانونية سيعرضها أيضا للانهيار.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، مدعوما من الولايات المتحدة وأوروبا، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، عدوانه على قطاع غزة، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وخلّف العدوان أكثر من 152 ألف شهيد وجريح فلسطينيي، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.