تعدّ الإعاقة من القضايا المهمة في المجتمع الفلسطيني، فهم شريحة استطاعت أن تثبت هويتها من خلال فقدانها لأطرافها أو أجزاء من جسمها بسبب ممارسات واعتداءات الاحتلال وحوادث أخرى من بينها حوادث الطرق والمرور
ويلقى نحو 1.25 مليون شخص سنوياً حتفهم نتيجة لحوادث المرور في العالم، حيث حدّدت خطة التنمية المستدامة لعام 2030 التي اعتُمدت حديثاً، غاية طموحة تقضي بخفض عدد الوفيات والإصابات الناجمة عن حوادث المرور في العالم إلى النصف بحلول عام 2030.
وتتكلّف حوادث المرور في معظم البلدان 3% من الناتج المحلي الإجمالي ونصف الأشخاص تقريباً الذين يتوفون على طرق العالم يكونون من "مستخدمي الطرق السريع والتأثر"، أي المشاة وراكبي الدراجات الهوائية والنارية.
الاضرار الناتجة عن حوادث الطرق:
تتسبّب الإصابات الناجمة عن حوادث المرور في إعاقات مختلفة، فهناك تنتج إعاقات مباشرة ودائمة والتي تؤدي إلى بتر في الأطراف، سواء في الأطراف العلوية والأطراف السفلية أو شلل نصفي سفلي أو شلل رباعي او فقدان لاحد اعضاء الجسم او فقدان العين او دخول الاطفال في العناية المركزة لعدة اشهر بسبب شدة حواداث الطرق.
وهناك اعاقة غير مباشرة مؤقتة والتي تستمر لمدة عام على الأقل والتي خلال العام يبقى هؤلاء الاشخاص في عملية مستمرة من إجراء العمليات والمتابعات الدورية عند ذوي الاختصاص مما يترتب عليه ظروف نفسية واجتماعية صعبه لهم، وهذا مما يتطلب تقديم خدمات التأهيل الشامل لهم والأدوات المساعدة رغم الاوضاع الاقتصادية الصعبة والحصار المفروض على قطاع غزة منذ سنوات.
وهناك خسائر اقتصادية كبيرة والتي تبدأ من تكلفة العلاج وفقدان إنتاجية الأشخاص الذين يتوفون أو يُصابون بالعجز بسبب إصاباتهم، ينضمون إلى ذوي الإعاقة، وتتسبب حوادث الطرق في استنزاف لأهم عنصر من مقوّمات الحياة ألا وهو الموارد البشريّة، فضلاً عن استنزافها للموارد المادية وتسببها في حدوثِ مشكلات اجتماعيّة ونفسية لأفراد المجتمع.
حوادث الطرق محلياً ( شمال غزة نموذج):
تختلف أسباب الاعاقة باختلاف المسبب وسأتناول هنا في هذا المقال أسباب الاعاقة بسبب حوادث الطرق وشمال قطاع غزة نموذج، فقد بلغ عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة 7452 شخصًا منهم 4458 شخصًا من الذكور و2994 شخصًا من الإناث، وتبلغ نسبة الإعاقة في شمال غزة 3% من اجمالي سكان محافظة شمال غزة.
وبلغ عدد حوادث الطرق في العام 2019 والمسجلة في شرطة المرور والنجدة في محافظة شمال غزة (84) حادثًا مروريًّا وهناك المئات من الحوادث التي لم تسجل بسبب حلها مع أصحاب الحوادث ميدانيا.
فيما بلغ عدد الأشخاص المصابين جراء حوادث الطرق في محافظة شمال غزة خلال العام 2019، نحو (66) حالة منهم (49) حالة من الأطفال دون سن 18 عاماً، و(17) حالة فوق سن 18 عاماً وصنفت الإصابات ما بين خفيفة وشديدة ومتوسطة.
فهناك (11) إصابة خفيفة و(46) اصابة متوسطة و(9) إصابات خطيرة ، ما نتج عنها (15) حالة وفاة خلال العام 2019 منهم (12) حالة وفاة من الأطفال و(3) حالات وفاة من الكبار.
الأسباب المؤدية لحوادث الطرق:
ومن خلال متابعتي للواقع الفلسطيني أجد أنَّ أهم الاسباب المؤدية لحوادث الطرق هو ركوب الدراجات النارية أولا بدون رخصة والسرعة الجنونية واللامبالاة في سياقتها، والسرعة الزائدة من قبل السائقين وعدم الالتزام بقوانين السير الموضوعة، والاستهتار من قبل السائقين والاستهتار من قبل أولياء أمور من خلال ترك ابنائهم الاطفال يلعبون في الشوارع دون متابعة ومراعاة، ويعدّ قطع الإشارة المرورية وهي حمراء ثاني أكبر الأسباب المؤدّية إلى الحوادث المرورية، والتجاوز الخاطئ للمركبات ويخيل لبعض السائقين أنّهم يملكون الطريق، فلا يبالون بالمركبات الأخرى المحيطة بهم، ولا يبالون بسلامتهم ولا سلامة غيرهم مؤدّين بطيشهم وتهورهم في القيادة إلى حوادث مروريّة شنيعة، فضلاً عن انشغال السائق بالتحدث عبر الهاتف، أو التحّدث إلى مرافقيه، أو عدم تركيز نظره على الطريق أثناء القيادة بتلفّته يمنةُ ويسرة، وعدم استخدام حزام الأمان أثناء قيادة المركبات، وقيادة المركبات من قبل أشخاص غير مؤهّلين لذلك، وكذلك عدم الصيانة الدورية للمركبة، حيث تعدّ صيانة الإطارات والكوابح بشكل دوري ضروريةً لتفادي الحوادث المرورية الناجمة عن تعطّلها.
توصيات واقتراحات:
وأخيراً وفي ظل ما استعرضناه في سياق المقال تجدر الإشارة إلى سلسلة من التوصيات والاقتراحات المتعلقة بذوي الشأن من أجل التقليل من حوادث السير على الطرق.
- دعوة المؤسسات إلى زيادة الوعي والإرشاد لكافة مستخدمي الشارع من السائقين والمواطنين والجهات المختصة لمراعاة السلامة على الطريق بشكل عام، والعمل على زيادة برامج التوعية المرورية داخل المدارس من قبل فرق السلامة المرورية والعمل على تنفيذ الحملات الاعلامية في الجرائد والمجلات والراديو والفضائيات .
- زيادة أهلية الطريق العام من خلال وضع مطبات أرضية ودربزين حماية لخطوط المشاة وخاصة امام بوابات المدارس والأسواق والجامعات.
- حماية الضحايا وذويهم من خلال توفير برامج رعاية صحية واجتماعية تقلل من نسبة ذوي الإعاقة في المجتمع.