إن الأطفال ذوي الإعاقة العقلية الشديدة وأطفال الشلل الدماغي والأطفال من ذوي الضمور في الدماغ من أكثر شرائح المجتمع تهميشًا بسبب النقص في كل الخدمات الأساسية وخاصة خدمات التغذية والصحة العامة، ويعاني الأطفال من هذه الفئة نقصًا كبيرًا في قدرتهم على ممارسة أنشطة الحياة اليومية.
وتتنوع أسباب عدم قدرة هؤلاء الأطفال على ممارسة أنشطة الحياة اليومية وبالتالي ضعف عام في صحتهم، سواء بسبب طبيعة إعاقتهم التي لا تمكنهم من تناول الغذاء بالشكل السليم، أو بسبب ظروف الفقر عدم مقدرة أسرهم على توفير متطلبات الغذاء السليم لهم.
ومن الأسباب المؤدية إلى المشكلات الغذائية لدى للأطفال ذوي الإعاقة هي قلة تناول المواد الغذائية نتيجة وجود اعتلالات عصبية عضلية قد تؤثر في القضم والمضغ والمص والبلع، وعدم قدرة حمل الجسم قد يؤدي إلى عدم القدرة على الحركة، فضلًا عن حرمان الطفل ذوي الإعاقة من اللعب أو الاستماع بالنشاطات الأخرى يؤدي إلى عدم وجود متعة أو لذة أخرى في حياته غير تناول الطعام.
معاناة ومشكلات
لكن المؤكد أن هؤلاء يعانون صعوبة في الحصول على كفايتهم من الطعام المتناول بسبب عدم قدرتهم على تغذية أنفسهم أو بسبب عدم القدرة على القضم أو المص أو المضغ والبلع للأطعمة والسوائل المختلفة، ففي الحالات الشديدة من التهاب المفاصل قد تتأثر مفاصل الأصابع والكوع والأكتاف.
ويعد الاهتمام بالأوضاع التغذوية والصحية للأطفال ذوي الإعاقة من الأمور التي يجب أن تكون في أولوية العاملين معهم من مؤسسات التأهيل والمؤسسات الصحية ومؤسسات المجتمع المدني لضمان نموهم الصحي في كل الجوانب البدنية والنفسية والفكرية والجسمية.
كما يعاني الأطفال ذوو الإعاقة المتعددة، غالبًا من العديد من المشكلات في الجهاز العضلي والعظمي والهضمي، حيث إن البنية الجسدية لهذه الشريحة ضعيفة جدًّا، ما يتطلب حاجتهم إلى الجانب الغذائي لهم من أجل تحسين البنية الجسدية التي تؤدي إلى حمايتهم من الأمراض.
وأيضًا من المشكلات التي تواجه هؤلاء الأطفال عدم القدرة على تناول الأغذية بسبب المشكلات الصحية المصاحبة لهم في عملية الهرس، كضعف عضلات الفكين أو الأسنان، ما يؤدي إلى عدم القدرة على القضم أو المضغ ما يسبب متاعب صحية مصاحبة.
وقد يدفع ذلك أولياء الأمور على اقتصار التغذية على تقديم وجبات سائلة ومهروسة فقط مما يزيد من الأعباء على كاهل الأم وزيادة في الأعباء المادية في ظل انقطاع التيار الكهربائي لفترات في قطاع غزة مما يعرقل عملية التغذية لهم.
احتياج ضروري
في ظل الاحتياج الأساسي للتغذية السليمة نرى أهمية كبيرة لنمو وحماية الأطفال ذوي الإعاقة وتطورهم ما يساعد في تحسين نمو الدماغ وتحسن من سلوكيات هؤلاء الأطفال، وزيادة الطاقة وتحسين صحتهم وزيادة المناعة ومقاومته للأمراض، فضلًا عن الوقاية المبكرة من مشكلات سوء التغذية كفقر الدم، السمنة أو النحافة.
كما يساهم الغذاء السليم في تعويض نقص بعض العناصر الغذائية التي يتسبب بها تناول بعض الأدوية لوقت طويل، أو المشكلات الأخرى كالإمساك والقيء وتطوير المهارات اليدوية الحركية، وذلك بتدريب الأشخاص ذوي الإعاقة على الأكل بنفسه.
من الأهمية بمكان الحفاظ على المستويات المختلفة لأداء المهارات الضرورية لإطعام النفس منها: الجلوس مع توازن الرأس، والقدرة على التحكم في الأطراف العليا حتى يمكن توصيل اليد إلى الفم، والقدرة على الإمساك بالأكواب وأدوات تناول الطعام، وشفط السوائل من الكوب، وتناول الطعام من الملعقة بالشفاه، والقدرة على القضم, المضغ, والبلع مع أقل فقد أو سيولة للعاب من الفم.
إن هذه المستويات والمهارات لا يستطيع الأطفال ذوي الإعاقة القيام بها بسبب إعاقاتهم، لذا فمن الواجب والضروري توعية أولياء أمور الأطفال ذوي الإعاقة والعاملين في مجال التربية الخاصة بأهمية التغذية الصحية والإيجابية للأطفال ذوي الإعاقة.
العوامل المؤثرة في التغذية
تؤثر المشكلات والتشوهات الموجودة في الفم والفكين وعدم القدرة على البلع أو المضغ، وقصور الجهاز الهضمي في تغذية الأطفال ذوي الإعاقة بشكل عام، لكن هناك مشكلات صحية أخرى كالقيء والإمساك والحساسية للأطفال ذوي الإعاقة، فضلًا عن مخاطر عزل هؤلاء الأطفال عن المحيطين وجهل الوالدين وعدم تواجد الأم بالقرب من الطفل ذي الإعاقة يؤثر سلبًا على تغذية ونفسية الأطفال.
وتمتد مشكلات التغذية لسنوات عديدة: وتتمثل في بطء النمو (الطول) ونقصان الوزن والسمنة وزيادة في الوزن بالنسبة للطول، ونقص عنصر الحديد (فقر الدم الناتج عن نقص الحديد, ورفض الطفل تناول أكل معين أو مجموعة من الأغذية والسلوك الفوضوي عند تناول الطعام وعدم قدرة الطفل على إطعام نفسه ورفض التحسن في سلوك الإطعام مثل إطعام نفسه أو تناول أغذية أخرى غير المهروسة وعدم القدرة على القضم أو المضغ أو المص مما يؤثر على تناول الأغذية، علاوة على انخفاض فترة الانتباه في أثناء فترة الإطعام.
وختامًا فإننا نوصي في هذا المقام بأهمية التغذية الصحية والسليمة للشخص ذوي الإعاقة خصوصًا للأطفال، وضرورة رفع مستوى وعي أولياء الأمور لهذه المهام وإطلاعهم بشكل مستمر على ضرورات التغذية عند الطفل ذي الإعاقة في مختلف مراحل نموه.
وكذلك نوصي بتوعية العاملين في مجال الإعاقة والتأهيل حول كيفية تنفيذ برامج التغذية للأطفال ذوي الإعاقة للوصول بهم إلى تغذية سليمة وصحية. كما نؤكد على دور مؤسسات التغذية والتأهيل في مساندة هذه الشريحة وتقديم المواد اللازمة لهم والعمل على تنفيذ برامج توعوية لهم.