من المفترض أن تمارس الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني وأفراد المجتمع المحلي الدور الكامل في مواجهة جائحة "كورونا" الذي يجتاح العالم، لكن الأكثر افتراضًا وواجبًا هو الحد والتقليل من معاناة شريحة الأشخاص ذوي الإعاقة في ظل انتشار هذا الفيروس عالميًّا.
وتعد شريحة ذوي الإعاقة وكبار السن هم من أكثر شرائح المجتمع تضررًا بسبب هذه الجائحة، بحسب التقارير الدولية، الأمر الذي يتطلب وضع آليات للتدخل مع الشريحتين وقت الأزمات والطوارئ من أجل حمايتهم.
وحسب التقارير الصادرة فإن نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة في العالم وصلت إلى 15% من إجمالي سكان العالم البالغ تعدادهم قرابة المليار شخص، ويبلغ عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في الضفة الغربية وقطاع غزة في عام 2017م 255224 شخصًا من ذوي الإعاقة، ومنهم في قطاع غزة (127962) شخصًا هم في أمس الحاجة إلى خدمات التأهيل الشامل (النتائج الأولية للتعداد العام للسكان والمساكن والمنشأة 2017 – الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني).
ونصت بنود الاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة في (المادة 25- الصحة) على أن تعترف الدول الأطراف بـأن للأشخاص ذوي الإعاقة الحق في التمتع بأعلى مستويات الصحة دون تمييز على أساس الإعاقة.
فرغم النقص الكبير في كل الخدمات والمستلزمات المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة في الأوضاع الاعتيادية التي سادت قبل جائحة كورونا، فقد تضررت آلية عمل المؤسسات الحكومية والأهلية بسبب الجائحة العالمي.
هذه الجائحة التي دفعت لفرض حالة الطوارئ منعت من وصول فرق التأهيل الميدانية العاملة مع الأشخاص ذوي الإعاقة ما أدى إلى معاناتهم والنقص في الاحتياجات الخاصة بهم وقلة البرامج المقدمة لهم، وقد أوقفت العديد من مؤسسات التأهيل سواء على المستوى الحكومي أو المجتمع المدني خدماتها مما كان له أثر واضح في تعطل الحياة، كما اقتصر العمل على تقديم الإرشادات والنصائح للأشخاص ذوي الإعاقة حول كيفية التعامل مع كورونا والمحافظة على أنفسهم وخاصة أن هذه الجائحة تمنع من عمليات التدخل المباشرة مع الأشخاص ذوي الإعاقة.
يجب على المسؤولين ومؤسسات المجتمع المدني اعتبار شريحة ذوي الإعاقة بحاجة ماسة إلى التعامل معها بأساليب وطرق مهنية عالية في ظل هذه الجائحة. وأعتقد أن الإرشادات والنصائح التي توجه للمواطن الفلسطيني يجب أن تخصص لشريحة الأشخاص ذوي الإعاقة إرشادات تتلاءم مع أوضاعهم وظروفهم الحياتية باختلاف إعاقاتهم، بما يضمن حقوقهم.
من بين هؤلاء، الأصم الذي لا يسمع الإرشادات والكفيف الذي لا يرى طرق الوقاية ويعجز عن تقليدها كما يعجز عن متابعة الأنباء المتعلقة بهذا الخصوص، وكذلك حالات الإعاقة العقلية وحالات السلوك الغريب والإعاقات الحركية بمختلف أنواع عجزها.
يجب مراعاة توفير الفحوصات المخبرية للحالات المرضية والتي تعاني الأمراض المزمنة بكل أنواعها ومقيمة بالمنزل (حجر منزلي) من العمل على عمل هذه الفحوصات لهم داخل المنزل والمواد الأساسية لهم وخاصة مواد النظافة الشخصية والأدوية والحفاضات والأدوات الخاصة بهم ومواد التغذية من أجل تحقيق حمايتهم الجسدية والإسراع في صرف مستحقاتهم الدورية من الوزارات ذات الاختصاص بطرق سليمة وصحيحة.
وفي هذا المجال ننبه إلى حق الصم على متابعتنا للمؤتمرات الصحفية التي تصدر عن لجنة الطوارئ في الحكومة وحاجتهم لمترجم لغة إشارة، والعمل علي مواءمة أماكن الحجر الصحي بما يناسب أنواع الإعاقات والأشخاص ذوي الإعاقة، والعمل على إطلاق خط ساخن من قبل لجنة الطوارئ الحكومية خاص بالأشخاص ذوي الإعاقة، وإصدار نشرة تعريفية بالوباء بلغة "برايل" للمكفوفين وعمل نشرات بخط كبير للأشخاص ذوي الإعاقة وضعيفي الإبصار.
ومن هنا نرى أن التوصيات الرئيسة للتحالف الدولي للإعاقة والتي صدرت من أجل الاستجابة الشاملة للإعاقة في ضوء جائحة كورونا 19.
كما يجب أن يتلقى الأشخاص ذوي الإعاقة معلومات حول نصائح التخفيف من حدة العدوى وخطط التقييد العامة والخدمات المقدمة، في مجموعة متنوعة من الأشكال التي يمكن الوصول إليها باستخدام التقنيات التي يمكن الوصول إليها ويجب اتخاذ تدابير وقائية إضافية للأشخاص ذوي الإعاقة الذين يعانون أنواعًا معينة من ضعف المناعة، وتعد زيادة الوعي وتدريب الموظفين المشاركين في لجان الطوارئ والاستجابة أمرًا ضروريًا، ويجب أن تكون جميع خطط التأهب والاستجابة شاملة ومتاحة للنساء ذوات الإعاقة، وضمان المساواة وعدم وجود تمييز سلبي على أساس الإعاقة، وفي أثناء الحجر الصحي، كما يجب ضمان خدمات الدعم والمساعدة الشخصية وإمكانية الوصول المادي والاتصالات، وأخذ تدابير القيود العامة في الاعتبار الأشخاص ذوي الإعاقة على قدم المساواة مع الآخرين ولا يمكن نزع أولوية الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يحتاجون إلى الخدمات الصحية بسبب كورونا 19 على أساس إعاقتهم، كما يمكن لمنظمات الأشخاص ذوي الإعاقة وينبغي لها أن تؤدي دورًا رئيسًا في زيادة الوعي بواقع الأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم.
وختامًا نود الإشارة إلى أن التحالف الدولي للإعاقة (IDA)، والذي أنشئ في عام 1999، هو منظمة جامعة تركز على تحسين الوعي وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع أنحاء العالم. ويعمل التحالف مع المنظمات غير الحكومية، والمنظمات فوق الوطنية مثل الأمم المتحدة (الأمم المتحدة)، وكذلك حكومات الولايات من أجل وضع التشريعات، وتمويل برامج الإعاقة في البلدان النامية والصناعية، التوعية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة حول العالم. يعمل التحالف من كثب مع الأمم المتحدة، ولا سيما أنها تستخدم اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (UNCRPD) كقانون.