حالة من الإنكار النرجسي تعيشها حكومة نتنياهو الفاشية حين تتعامل بفوقية وازدراء مع الحقوق الفلسطينية، حيث تعمد هذه الحكومة الفاشية إلى رفض الاعتراف بأي حق من حقوق الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها الحق في نَيْل الحرية والاستقلال أسوة بباقي شعوب العالم، وهو حق كفلته المواثيق الدولية، وأكدت عليه عشرات القرارات الأممية الداعمة للحق الفلسطيني.
العنجهية الإسرائيلية المتمثلة بإنكار حق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال والتي ترجمتها قرارات كنيست الاحتلال المعادية للشعب الفلسطيني، ومنها على سبيل المثال قرار كنيست الاحتلال في فبراير الماضي والذي تم المصادقة عليه بأغلبية ساحقة ونصّ على رفض إعتراف دول العالم بالدولة الفلسطينية، تحت شعار مخادع بأن هذا الاعتراف "أحادي" طالما لم توافق عليه دولة الاحتلال.
فاشية الاحتلال لم تقف عند حدود سن تشريعات إسرائيلية تتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني بل ذهبت إلى حد اتهام كل من يتعاطف مع الشعب الفلسطيني بالاضطراب النفسي حتى ولو كان الشخص المتعاطف يهوديًا إسرائيليًا، ومن ذلك ما ذكرته قناة "كان" العبرية مؤخرًا حول دراسة إسرائيلية نُشِرت مؤخرًا واستنتجت بأن ربع الأسرى الإسرائيليين الذين كانوا في قبضة المقاومة الفلسطينية وتم إطلاق سراحهم من غزة أصبحوا يعانون من أعراض "متلازمة ستوكهولم"، وهي حالة غير طبيعية تعني أن الأسرى الإسرائيليين المحررين باتوا يُظهرون تعاطفًا مع المقاومة الفلسطينية، ويرون أنها مُحقّة في مطالبتها بكسر حصار غزة وتحرير الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال الاسرائيلي، ورفع الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني.
إتهام الأسرى الاسرائيليين بالإصابة بأعراض "متلازمة ستوكهولم" يُقصد منه الاستخفاف بالمطالب الفلسطينية وإنكار الحق الفلسطيني بالحرية والاستقلال، واتهام كل من يدعم الحق الفلسطيني -حتى وإن كان إسرائيليًا- بأنه لم يعد إنسانًا سوِيًّا وأنه يعاني اضطرابات نفسية نتيجة ما واجهه من معاناة في الأسر لدى المقاومة في غزة.
محاولة إسرائيل إلصاق أعراض "متلازمة ستوكهولم" بأسراها المحررين من قبضة المقاومة في غزة تشكل حيلة إسرائيلية سخيفة تفندها عشرات الشواهد التي أكدت أن العديد من الإسرائيليين أنفسهم باتوا يؤيدون حق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال ومقاومة الاحتلال العسكري بشتى الوسائل المتاحة، وفي مقدمة هذه الشواهد استطلاع رأي أجرته مؤسسة "موزاييك يونايتد" الإسرائيلية، ونشرت نتائجه العديد من وسائل الإعلام العبرية مؤخرًا، وأظهرت نتائجه أن 32% من الشبان اليهود في الخارج متعاطفون مع حركة حماس، و36% منهم يعتقدون أن جيش الاحتلال ارتكب "إبادة جماعية" في قطاع غزة، كما أظهر الاستطلاع أن 37% من الشباب اليهودي في الولايات المتحدة الأمريكية -يعيش بها 6.3 ملايين يهودي من أصل 8.5 ملايين يعيشون خارج الكيان- باتوا يشعرون بالتعاطف مع حركة حماس، وأن 42 % من الشباب اليهودي الأميركي يعتقدون أن إسرائيل ارتكبت "إبادة جماعية" في قطاع غزة.
من الواضح أن نتنياهو وائتلافه المتطرف ما زالوا يكابرون، ويتعاملون بنرجسية وعنصرية مقيتة مع الفلسطينيين، وما زال نتنياهو وائتلافه يتجاهلون بتكبّر وغرور التغييرات الجذرية في الرأي العام الدولي، والتي باتت تميل لصالح الشعب الفلسطيني، حيث تدفع النرجسية والغرور نتنياهو وائتلافه اليميني إلى رفض الاعتراف بالظلم التاريخي الكبير الواقع على الشعب الفلسطيني، وإنكار حق الشعب الفلسطيني بمقاومة الاحتلال العسكري، رغم أن العديد من المسؤولين الإسرائيليين السابقين الذين فشلوا مرارًا في هزيمة المقاومة الفلسطينية، باتوا يُقِرّون اليوم بحق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال، ومن بين تلك الإقرارات التي شطلت صدمة لكيان الاحتلال ما صرّح به "إيهود باراك" رئيس أركان الجيش الإسرائيلي ورئيس الوزراء الأسبق في مارس الماضي خلال مقابلة متلفزة مع قناة ABC الأمريكية بأنه "لو كان وُلِد فلسطينيًّا لانضم إلى إحدى حركات المقاومة الفلسطينية"، وفي تصريح جديد لذات الرجل أثنى على قائد حركة حماس في غزة يحيى السنوار الذي ارتقى شهيدًا في ميدان المواجهة مع الاحتلال، وامتدح مقاومته جيش الاحتلال حتى الرمق الأخير من حياته بالقول إنه "كان بطلًا وقاتل حتى آخر لحظة من حياته، وألقى قنابل قبل أن يلقى مصيره بلحظات، وكان دون يد ويتكئ على عكاز".
إبهود باراك ليس المسؤول الإسرائيلي الوحيد الذي أقرّ بحق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال، فقد أقر "عامي آيالون" الذي شغل سابقًا منصب رئيس جهاز "الشاباك" الإسرائيلي في مقابلة صحفية نشرتها صحيفة معاريف العبرية في سبتمبر الماضي بأنه لا يمكن لإسرائيل أن تلوم الفلسطينيين على مقاومتهم للاحتلال، وأنه "لو كان فلسطينيًّا لحارب بلا حدود ضد من ينهب أرضه".
ورغم الشواهد السابقة التي تؤكد أن الفلسطينيين باتوا يحققون انتصارات ضمن معركة الوعي وصراع الإرادات مع الاحتلال، وأن العديد من المسؤولين الإسرائيليين باتوا موقنين بفشلهم الذريع في شطب الشعب الفلسطيني، أو طمس حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها حقه في مقاومة الاحتلال، إلا أن حكومة نتنياهو اليمينية وائتلافه المتطرف ما زالوا يكابرون ويتعاملون بنرجسية وقحة مع الفلسطينيين، إذ يرون الفلسطينيين مجرد "حيوانات بشرية" بحسب وصف مجرم الحرب وزير جيش الاحتلال السابق "يوآف غالانت".
ختامًا فقد بات واضحًا أن "النرجسية الإسرائيلية" وإنكار الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة للحقوق الفلسطينية ستقود "إسرائيل" حتمًا إلى خسارة الرأي العام الدولي، فقد أحدثت معركة طوفان الأقصى تغييرات نفسية عميقة لدى فئات واسعة من المجتمع الدولي، وبات الكثيرون من داعمي الاحتلال الفاشي يراجعون مواقفهم تجاه دعم كيان الاحتلال خاصةً مع انكشاف سوأة "إسرائيل" حين بات قادتها ومسؤولوها مجرمي حرب ملاحقون أمام المحاكم الدولية.