فلسطين أون لاين

​"أم بكر الحصري" وحيدة في معاناتها

مأساة ثلاثية.. الزوج والابن في سجون الاحتلال وشقيقه معتقل في السعودية

...
صورة أرشيفية
غزة/ يحيى اليعقوبي:

"أنا الآن بمقر الوزارة سوف أجدد بيانات السفر".. يحدث بكر الحصري (31 عامًا) الموجود بالسعودية، والدته من مدينة طولكرم بالضفة الغربية.. بعد ساعة على مرور تلك المكالمة الهاتفية، قامت الأخيرة بمعاودة الاتصال للاطمئنان عليه، لكن دون رد، ثم عاودت الاتصال مرة أخرى دون جدوى من الوصول إليه.

بدأ القلق يساور تفكير والدة بكر خوفًا من حدوث مكروه له، إلى أن رد أحد العاملين باستخراج جوازات السفر على الهاتف وأخبرها أنه محتجز في السعودية.

"مطلوب للشرطة".. تحت هذا البند أُخفي بكر الحصري قسرًا وهو شاب فلسطيني يعمل مدير مبيعات لدى إحدى الشركات في الرياض. يوم 29 يوليو/ تموز 2019 بكر ذهب لتجديد بيانات الخروج والعودة، كي يكون جاهزًا ومستعدًا للسفر في 12 آب/ أغسطس، لقضاء فترة عيد الأضحى المبارك مع والدته وزوجته وشقيقتيه في الأردن، لكن كانت قضبان السجون السعودية أقرب إليه، فمنذ تلك اللحظة انقطعت أخباره عن عائلته.

ثلاثة أشهر مرت منذ أن انقطعت أخباره عن والدته، التي لم تستطِع الحديث مع ابنها حتى اللحظة، سوى تلك المكالمة الهاتفية التي حدثت بينهما صباح يوم الاعتقال، حينها أعرب لوالدته عن سعادته بقرب لقائه في عمان مع زوجته وطفله الرضيع.

معاناة ثلاثية

ليست هذه أول هموم أم بكر الحصري، فزوجها عدنان الحصري أسير لدى الاحتلال الإسرائيلي، وابنها مصعب (29 عامًا) أيضًا يقبع في سجون الاحتلال، لتصبح وحيدة مع ابنتها تعيش هذه الظروف.

على طرف سماعة الهاتف الأخرى تستذكر الحصري في حديثها مع صحيفة "فلسطين" لحظة اختفاء نجلها، فتقول: "منذ اعتقاله وحتى اللحظة لم أستطِع الحديث معه، رغم أنني تحدثت مع سفارة السلطة الفلسطينية في الرياض وتوجهنا إلى الصليب الأحمر لكن دون استجابة لنداءات استغاثتنا".

بصوت خافت بدت متعبة، يرحل صوتها إلى تلك الأيام المحملة بألم غياب نجلها قائلة: "يعمل بكر في السعودية منذ خمسة أعوام مديرًا للمبيعات، كان نشاطه فقط متركزًا في عمله. بعد اعتقاله لم نسمع عنه أي خبر على مدار 67 يومًا، لا نعلم أي شيء عنه، حتى وصلنا خبر أنه معتقل بسجن (حاير) بالرياض".

قامت الحصري بإحضار رقم هاتف السجن السعودي، والتواصل مع مكتب الاستعلامات فيه، تكمل: "في كل مرة كانوا يأخذون بياناتنا، ويوعدونا بأنهم سيسمحون لنا بإجراء مكالمة دولية مع ابني المعتقل، حتى استطاع بكر الحديث مع زوج ابنتها الأخرى".

تزوج بكر قبل عامين، ولديه ولد رضيع يبلغ عشرة شهور، زوجته فلسطينية من مواليد السعودية موجودة بالأردن حاليًّا.

وضع غير طبيعي

تقول زوجة بكر لصحيفة "فلسطين": "نعيش وضعًا غير طبيعي، نتواصل مع جميع المؤسسات الحقوقية لكن لا من مجيب، وكأننا نعيش في متاهة، فمن حقنا كأهالي معرفة أخبار ابني هل هو حي أم ميت، كما لا نعلم الهدف من هذه الاعتقالات!".

بين الخوف والقلق، تترقب الأم أي خبر عن ابنها البكر، فبين اختفاء قسري في السعودية لبكر، ولزوجها وابنها الأصغر لدى الاحتلال تنتظر من يؤنس وحدتها.

زوجها عدنان الحصري اعتقل آخر مرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، وأمضى أربعة أشهر إدارية قبل أن يفرج عنه.

لكن لم تمر سوى 72 يومًا على تاريخ الإفراج حتى كانت قوات الاحتلال تقرع باب بيتها لاعتقاله مجددًا إذ لا يزال معتقلًا إداريًّا حتى يومنا هذا، علما أنه أمضى نحو 12 عامًا معتقلًا لدى الاحتلال جميعها كانت اعتقالات إدارية دون محاكمة.

وكأن الهم يلاحق هذه العائلة، قبل أن يطوي ديسمبر صفحاته تحديدًا بتاريخ 27 ديسمبر/ كانون الثاني 2018، اعتقل الاحتلال ابنها مصعب (29 عامًا) وكان قد عقد قرآنه حديثًا.