حذر الرئيس السابق للمجلس الأعلى للقضاء سامي صرصور من تداعيات القرار بقانون الذي أصدره رئيس السلطة محمود عباس بحل المجلس وتشكيل مجلس انتقالي، وتحديد سن عمل القضاة حتى ستين عاما، مشددًا على أن القرار يفقد القضاء استقلاليته وثقة الناس به، ويعد تدخلا سافرا في صلاحيات السلطة القضائية يوازي عملية حل المجلس التشريعي.
وقال صرصور في حديث لصحيفة "فلسطين": "حل المجلس الأعلى للقضاء بهذه الطريقة هدم للمؤسسات الفلسطينية ويقود إلى انهيار القضاء".
ورفض صرصور استعمال السلطة المادة رقم (43) من القانون الأساسي الفلسطيني التي تعطي رئيس السلطة الحق "في حالة الضرورة" إصدار قانون بداعي المصلحة العامة.
وأضاف: "لا يجب إصدار هكذا قرار في ظل غياب المجلس التشريعي"، مشيرا إلى أن المادة أصبحت تستعمل لتمرير سياسات وفي ضوئها أصدر محمود عباس نحو (187) قرارا بقانون.
وبين صرصور أن المادة (81) من قانون السلطة القضائية تنص على تشكيل المجلس الأعلى للقضاء الانتقالي خلال شهر من تاريخ نشره القانون بالجريدة الرسمية، وهو ما حدث في عام 2002، مضيفا أن مسألة إنشاء مجلس أعلى ليست ورادة اليوم "لأنه مضى على وجود المجلس أكثر من 15 عاما وباشر أعماله كمجلس دائم وليس انتقاليا، والحديث عن إعادة إنشاء مجلس انتقالي مخالف للقانون".
وأصدر عباس أخيرا قرارين لهما قوة القانون، عدل في أحدهما قانون السلطة القضائية لجهة إنزال سن تقاعد القضاة إلى الستين، وحل بموجب الآخر مجلس القضاء الأعلى الحالي وأنشأ مجلس قضاء أعلى انتقاليا لمدة عام.
سن التقاعد
وعلق صرصور على إنزال سن التقاعد من سبعين عاما إلى ستين قائلا: "معظم قضاة المحكمة العليا في الضفة الغربية يتجاوزون الستين عاما ولديهم خبرات"، مؤكدًا أن معالجة الترهل في المؤسسة القضائية لا يتم بهذه الطريقة، وإنما من خلال إرادة سياسية صادقة تضمن وجود قضاء قائم بذاته تتوفر له الإمكانات كافة.
وتحدث رئيس المجلس الأعلى السابق للقضاء عن فترة توليه رئاسة المجلس قبل أن يقيله عباس، مشيرًا إلى أنه وضع خطة خماسية لتطوير القضاء وطلب توظيف 20 قاضي صلح للنهوض بالمحاكم، لكن وُظف نصف العدد فقط.
وذهب إلى القول: "أمضيت تسعة أشهر رئيسا لمجلس القضاء، لم يكن الوضع مناسبا للاستمرار بهذه الطريقة، وكان واقع القضاء صعبا".
وعن تداعيات تحديد سن ستين عاما لعمر القضاة، بين أنه سيتم بذلك الاستغناء عن خدمات قضاة من أصحاب الخبرة المتراكمة على مدار أعوام طويلة، خاصة أن القضاة الذين سيتم ترقيتهم من محكمتي الاستئناف إلى المحكمة العليا يحتاجون إلى وقت لفهم طبيعة العمل وطبيعة القرارات التي يتم إصدارها، كما أن عملية تعيين قضاة جدد تحتاج إلى ميزانية في ظل العجز الذي تعاني منه السلطة، فالقاضي المتقاعد سيطالب بمستحقاته، والقاضي الجديد يريد راتبا، ومن سيتم ترقيتهم يريدون علاوات.
تناقض وإصلاح
ورأى أن إصلاح القضاء يتم بتصحيح الوضع القضائي وليس بإلغاء المجلس الأعلى للقضاء وحله بطريقة غير قانونية، لافتًا إلى أن الإصلاح يتم بإيجاد بنية تحتية وبشرية.
ويستغرب صرصور التناقض في قرار عباس بأن يكون السقف الأعلى لعمل القضاة ستين عاما في حين يتجاوز عمر عيسى أبو شرار وهو رئيس مجلس القضاء الانتقالي الحالي ثمانين عاما، الذي يعاني من وضع صحي صعب لا يؤهله للقيام بمسؤولياته، خلافا للنص الوارد بالقانون الجديد الذي أصدره عباس حول السن المسموحة لممارسة القاضي عمله.
ولفت إلى أن معظم القضاة الذين بلغوا سن الستين عاما أصبحوا ضحايا القانون الجديد، مبينا أن إزالة عدد من القضاة من محكمة الاستئناف مثلا ستترك فراغا في محكمة النقض، ما سيخلق مشكلة كبيرة في طبيعة العمل.
وأشار إلى أن خطوة تشكيل مجلس قضاء انتقالي اتُّخذت تحت ادعاء أن القضاء أصبح بالدرك الأسفل، في ظل تأجيل قضايا فساد وتراكم قضايا، مشددًا على أن الإصلاح لا يتم بهذه الطريقة.