أكد الخبير في القانون الجنائي الدولي، د. عصام عابدين، أن ما ترتكبه قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، خصوصًا في شماله، من تدمير للمستشفيات، وحرقها، وقتل الأطباء واعتقالهم، وتدمير البنية التحتية، يُمثل امتدادًا لجريمة الإبادة الجماعية المستمرة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وأوضح عابدين في مقابلة مع "فلسطين أون لاين" أمس، أن هذه الأفعال تمثل جريمة إبادة جماعية بجميع أركانها وفق المادة 6 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي تشمل قتل الفلسطينيين وإخضاعهم لأوضاع معيشية تهدف إلى إهلاكهم فعليًا كليًا أو جزئيًا.
وأضاف أن هذه الجرائم تُعد من أشد الجرائم الدولية، كما تُعتبر صورًا من الجرائم ضد الإنسانية بموجب المادة 7 من نظام روما، حيث ارتُكبت في إطار واسع النطاق وبشكل منهجي يستهدف السكان المدنيين، من خلال القتل العمد واستهداف الأعيان المدنية.
وأشار إلى أن اقتحام قوات الاحتلال مستشفى كمال عدوان في شمال غزة، وإحراقه وإخراجه عن الخدمة، ثم اعتقال مديره د. حسام أبو صفية، يُعد مثالًا واضحًا على هذه الجرائم.
53 جريمة دولية
وأكد عابدين أن ما يحدث في غزة يشمل جرائم إبادة جماعية وفق المادة 6 من نظام روما، وجرائم ضد الإنسانية وفق المادة 7، وجرائم حرب وفق المادة 8، حيث تشمل انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف، مثل استهداف المدنيين بلا ضرورة عسكرية، وتدمير المستشفيات، وحرق الأعيان المدنية.
وشدد على أن هناك 53 جريمة دولية ارتكبتها قوات الاحتلال في غزة، تتوزع بين جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وأن كل نموذج منها يُعتبر جريمة مستقلة وفقًا للمعايير الدولية.
وأضاف أن مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية في مايو 2024 أشارت إلى سبع جرائم لـ(إسرائيل)، مقابل ثماني جرائم للفلسطينيين، مما يعكس ازدواجية المعايير الدولية.
تقصير فلسطيني ودولي
انتقد عابدين أداء السلطة الفلسطينية والمؤسسات الحقوقية، مؤكدًا وجود تقصير كبير في تقديم إحالات شاملة للمحكمة الجنائية الدولية. كما انتقد انسحاب المنظمات الدولية مثل الصليب الأحمر و"أونروا" من غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي.
وأشار إلى أن استهداف المستشفيات بحجة وجود عناصر مقاومة بداخلها لا يمكن تبريره وفق مبادئ القانون الدولي الإنساني، مثل مبدأي الضرورة والتناسب.
شدد عابدين على أهمية وضع خطة فلسطينية موحدة تشمل توثيق الجرائم بشكل جماعي، وتنسيق العمل بين السفارات والبعثات الدبلوماسية لتعزيز صمود الفلسطينيين، مع تخصيص موارد مناسبة لذلك.
وأكد ضرورة مساءلة جميع المتورطين في الجرائم الدولية، بمن فيهم القادة العسكريون والسياسيون الإسرائيليون، والداعمين الدوليين لهذه الجرائم.
ودعا إلى مراجعة شاملة للأداء الفلسطيني، مشددًا على أن غياب التنظيم والعمل الجماعي يُضعف قدرة الفلسطينيين على مواجهة ازدواجية المعايير الدولية، مؤكدًا أن الجهود الحالية لا تتناسب مع حجم التحديات.