فلسطين أون لاين

​عند المُعالج النفسي.. إرادة المريض تهوِّن كل شيء

...
صورة تعبيرية عن المعالج النفسي
غزة - فاطمة أبو حية

توجه الإنسان إلى العلاج النفسي بحثاً عن حلول لمشاكله ليس أمراً سهلاً، وخطوة لا يقوى على اتخاذها الكثير من الناس، فمن يخضع لهذا النوع من العلاج هو "مجنون" وفق نظرة مجتمعية يتبناها الكثيرون، ولكن بالنسبة للمعالجين النفسيين، كيف يتعاملون مع من يقرر السير في هذا الطريق ليحققوا له الراحة ويقدموا له أنسب الحلول؟

حلول واقعية

ويقول أستاذ علم النفس الدكتور فضل أبو هين: "لا يمكن أن يتم العلاج النفسي بصورة سلسلة إلا بإرادةٍ شخصية من المريض، وبوعي بالحاجة للعلاج، فالأمر ليس مجرد أدوية يتناولها الشخص فتدخل جسده وتحل المشكلة كما في حال لو كان مصاباً بمرضٍ عضوي".

ويتابع في حديثه لـ"فلسطين": "يجب أن يدرك المريض أن هناك شيئاً تغير داخله، وأنه بحاجة لحلٍ، وأن هذا الحل يحتاج لمساعدة من المختصين، ومن هنا تُبنى العلاقة بشكلٍ إيجابي وفعال بين المريض والمعالج".

ويواصل: "المعالج يؤثر بالمريض ويتأثر به ويعطيه الإرشادات والحلول، وهذه الحلول يجب ان تكون واقعية وفعّالة لتغير في حياة الشخص، وليست خيالية، ولذا ينبغي أن تعتمد على حالة المريض وأن تكون مناسبة له".

ويوضح أبو هين: "بهذه الطريقة يمكن أن تحدث تغيرات عند المريض، وأي تغير مهما كان بسيطاً سيعطيه الثقة، وسيدفعه لمواصلة العلاج، وسيطور علاقته بالمعالج".

ويبين: "على المعالج أن يبث الثقة والأمان والراحة داخل المريض، لأن المرض مرحلة وليس حياة كاملة، فعليه أن يوقظ طاقات كامنة لدى المريض ليوظفها في حياته".

ويشير إلى أنه لا يمكن سلخ المريض عن واقعه، لذا لا بد أن يقدم المعالج تعليمات لأسرته لتتعامل مع المريض بطريقة تسهم في العلاج.

ويؤكد على أن المريض إن كان مدفوعاً من الآخرين وغير مقتنع بحاجته للعلاج فمن الصعب أن يقنعه المعالج بذلك، وقد يبذل مجهوداً كبيراً يضيع سدُى في نهاية المطاف، لأن المريض لا يرى أنه بحاجة لهذا الشخص ولا لنصائحه، لافتاً إلى أنه في حالة الإصابة بأمراض عقلية تفقده وعيه وإدراكه، فيتم تقديم العقاقير له ليعود لعقله ليأتي بعد ذلك دور العلاج النفسي ويكون مؤثرا.

هنا والآن

أوضح الأخصائي النفسي اسماعيل أبو ركاب أن التدخل العلاجي يكون بأحد ثلاثة مستويات، وفقا لطبيعة المشكلة النفسية، والتي أقلّها المشكلات النفسية العامة التي يعاني منها الجميع كالضغوط الحياتية، ثم تلك التي هي أكثر سوءا، وصولاً إلى الأمراض الذهنية، وهي الأخطر لكونها تجمع بين الشقين العضوي والنفسي وتحتاج لتدخل طبي.

وبين لـ"فلسطين": "أولاً، يتم استقبال الشخص وإجراء مقابلة نفسية معه هدفها تشخيص كل نواحي الظروف العامة لحياته، ويتم الحصول على البيانات منه ومن عائلته، ومن ثم يتم التعامل مع المريض بمبدأ (هنا والآن)، بمعنى (لماذا أنت هنا الآن؟)".

ويقول أبو ركاب: "من المقابلة مع المريض نعرف المشكلة التي يعاني منها ومكامن الضعف لديه، وهنا يأتي دور التشخيص، وتحديد ما إذا كان بسيطاً، أو إن كانت المشكلة النفسية معقدة إلى حد الحاجة للتدخل الطبي والمعالجة بالعقاقير".

ويضيف: "من أهم الأمور في العلاج النفسي تقبل المعالج للمريض، والتأكيد على مبدأ السرية والالتزام بالمعايير الأخلاقية لأن هذا العمل حساس ومتعلق باللاشعور؛ وهذا فيه خفايا قد يخفيها المريض عن نفسه".

ويتابع: "نضع خطة علاجية بثلاثة محاور هي الأفكار والمشاعر والسلوك، وفيها أهداف لكل واحدة من جزئيات المشكلة".

ويؤكد أبو ركاب أن توجه المريض إلى المعالج يعني تجاوز نسبة 70% من الثقة، والنسبة الباقية يحققها المعالج بأسلوب تعامله.