كانت عائلة أبو حمادة، من مخيم بلاطة في نابلس، شمالي الضفة الغربية المحتلة، تنتظر تبرئة المحكمة لنجلها أحمد الشهير بـ"الزعبور"، من دماء أحد عناصر الأمن الوطني، لكنها الآن تنتظر على أحر من الجمر تقرير الطب الشرعي للتأكد من عدم تصفيته.
وأعلن عن وفاة "الزعبور" البالغ (28 عامًا)، أول من أمس، بعد أيام من نقله للمستشفى الاستشاري في رام الله.
والشاب واحد من عناصر كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة "فتح"، وكان يقبع في سجن أريحا التابع للسلطة منذ اعتقاله في 19 مارس/ آذار 2017، كما تقول شقيقته عبير ناجي أبو حمادة.
وفي التفاصيل، أوضحت عبير أن أحد الأشخاص اعتدى على شقيقها مؤمن، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة،"وعندما عرف أحمد بذلك؛ خرج للاطمئنان على أخيه، فأطلق الرصاص بين ساقي المعتدي ولم يصبه مباشرة، إلا أن شظايا الرصاصة أصابته، كما تقول.
وعلى إثر ذلك، نقل المُعتدي المصاب إلى المستشفى، ولم يستجب للإسعافات الأولية والعلاج، وفق قولها، وتوفي هناك.
وبقي "الزعبور" ملاحقًا من الأمن الوطني إلى أن اعتقل بعد اشتباك مسلح، وخلال عملية الاعتقال أصيب أحد عناصر الأمن بنيران صديقه عن طريق الخطأ؛ لاحقًا اتهمت الجهات الرسمية "الزعبور" بقتله، تضيف شقيقته.
وتشير إلى أن شقيقها أصيب بأربع رصاصات اخترقت جسده وأصابت الرقبة، والبطن، والظهر، والكتف، فيما تؤكد أنه تعرض للإهمال الطبي أثناء اعتقاله لدى الأمن الوطني.
وقالت إن العائلة أبلغت قبل أيام أن أحمد موجود في مستشفى أريحا، في حالة صحية سيئة، ولاحقًا نقلوه للمستشفى الاستشاري في مدينة رام الله، لافتة إلى أنه ولدى وصولهم إلى المستشفى الاستشاري "طمأننا الطبيب المتواجد هناك بأن حالته الصحية مستقرة ولم يصب بجلطة".
وتشكك عبير بقول الأطباء بأن أحمد كان متوفيًا ولم يرد الإعلان عن ذلك خشية ردة الفعل.
وبعد إعلان وفاة أحمد في المستشفى الاستشاري، انتشرت أجهزة أمن السلطة في محيط مخيم بلاطة، بينما أشعل شبان الإطارات المطاطية وأغلقوا طريق شارع القدس نابلس.
وبينما كانت عائلته تحاول الحصول على تحويلة للعلاج في مستشفيات الداخل المحتل عام 48، كانت جميع طلباتها تقابل بالرفض من قبل الجهات الفلسطينية الرسمية في الضفة الغربية، حتى أنها لم تحصل على صورة من التقارير الطبية الخاصة به، تقول عبير.
وتابعت: "طلبنا من حازم عطا الله (مدير الشرطة في الضفة الغربية) التقارير الخاصة بأحمد ورفض، وتوجهنا لرئيس الوزراء (رامي الحمد الله) لنقله للعلاج خارج الضفة الغربية؛ وقوبلنا بالرفض".
وذهبت إلى القول: "لدينا شكوك بأن أحمد تعرض لعملية تصفية قبل نقله إلى المستشفى".
وبينت أن العائلة أحضرت طبيبًا مستقلاً للمشاركة في تشريح جثمانه، والتعرف على سبب تدهور حالته الصحية، إذ تم أخذ العينات بانتظار نتائج تقرير الطب الشرعي.
وكان من المقرر عقد جلسة في إحدى المحاكم التابعة للسلطة في 15 سبتمبر/ أيلول المقبل، لتبرئة أحمد من دماء أحد عناصر الأمن الوطني.
وأشارت عبير إلى معاناة العائلة في استلام جثمان شقيقها أحمد، إذ كان يفترض أن تتسلمه من مستشفى رفيديا الحكومي في مدينة نابلس، وتشيعه في جنازة كبيرة، إلا أن الجميع فوجئ بالرفض.
وأثناء التشييع، كما تضيف عبير، أطلقت أجهزة أمن السلطة القنابل المسيلة للدموع على المشيعين في المقبرة، وكذلك أثناء زيارة إحدى شقيقاته له في المقبرة أيضًا.
وكان محافظ نابلس أكرم الرجوب ادعى في تصريحات صحفية أن السلطة الفلسطينية أحضرت أمهر الأطباء لمحاولة الحفاظ على حياة "الزعبور".
وحملت اللجنة القانونية في حركة التحرير فتح "ساحة غزة"، السلطة وأجهزتها الأمنية كامل المسؤولية عن جريمة تعذيب وقتل "الزعبور".
وطالبت اللجنة الفتحاوية في بيان لها، مؤسسات حقوق الإنسان والمجتمع المدني بـ"عدم الاستمرار في الصمت أمام زيادة وتيرة الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها أجهزة السلطة في السنوات الأخيرة بحق المواطنين".
كما دعت اللجنة أجهزة أمن السلطة في رام الله إلى التوقف فورًا عن ممارسة أي انتهاكات بحق المواطنين والمناضلين والمعتقلين السياسيين ومنع التعذيب في سجون السلطة احترامًا لمبدأ سيادة القانون الفلسطيني والتزامًا بالاتفاقيات الدولية الموقع عليها؛ كجزء من التزامها بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية.
وطالبت اللجنة كذلك بـ"تشكيل لجنة تحقيق محايدة للكشف عن المتورطين في جريمة تعذيب وقتل (الزعبور) ومحاسبة مقترفيها أو من أمروا بها وتقديمهم للقضاء المختص وفقًا للقانون"، مؤكدة على ضرورة الإفراج الفوري عن المناضلين والمعتقلين السياسيين والصحفيين الموقوفين في أقبية التحقيق في سجون السلطة.

