لا شيء يتوقف على الميدان؛ لكن هل أي حدث يتطلب حربًا واسعة؟ الموقف المتبلور في الكابينت الإسرائيلي بالنفي أن الحسابات والتكلفة ستكون عالية جدًا؛ لم يكن رد ورقة حماس بحسب ما ذكر موقع "حدشوت 24" العبري، مساء أمس الأحد، أن "وفد حركة حماس بالقاهرة نقل للمخابرات المصرية رسالة واضحة، بأن الحركة ترفض وقف مسيرات العودة، على الحدود مع (إسرائيل)، ووقف إطلاق البالونات الحارقة، حتى يتم رفع الحصار بشكل كامل عن قطاع غزة.. وذكر الموقع العبري، إن نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، صالح العاروري، سلم المخابرات المصرية أمس، الإجابات النهائية حول مواقف الحركة بشأن التوصل إلى تهدئة طويلة المدى مع إسرائيل".
هل ستنتقل إسرائيل إلى حرب الاغتيالات لزيادة الضغط على حماس والمقاومة؟
ولقد الساحة الفلسطينية سواء في الضفة أو غزة عمليات اغتيال للكثير من القيادات الفلسطينية السياسية والعسكرية في عملية ردع للمقاومة كان آخرها فقهاء, لكنها لم تكن بالحجم الذي يتسبب بحرب كما حدث في حادثة اغتيال القائد احمد الجعبري والتي جرت في بيئة اقليمية غير ودية للمقاومة لكنها ما زالت حاضرة في اذهان القيادة العسكرية والسياسية لكل الاطراف بما فيهم دول الاقليم المجاورة ؛ لم ترتدع المقاومة وتعلمت الكثير ؛ كيف تدير معاركها وكيف تجهز البيئة لمعاركها المفتوحة وكيف تستفيد من جبهة العدو الداخلية وهو تطبيق عملي لما تخطط له المقاومة للاستفادة من كل الظروف السياسية والامنية في المنطقة .
تعتبر سياسة الاغتيالات السلاح الأكثر أهمية وتأثيرا على الارض؛ في نظر المؤسسة العسكرية والسياسية للكيان الإسرائيلي ضد المقاومة؛ للتأثيرات المرافقة لهذه السياسة في شل التحركات والعمل المقاوم وفي التقليل من فعالية القيادة السياسية وتحركاتها والعسكرية أيضا، لكن الخطر يتمثل في اللا متوقع منها؛ خاصة الحرب المفتوحة.
صحيفة هآرتس العبرية ذكرت "أن التجهيزات للعمليّة بدأت بعد إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) تفضيلهما عودة سياسة الاغتيالات لقادة الحركة على عملية عسكريّة واسعة في قطاع غزّة، يخشى الاحتلال أن تتضمّن اجتياحًا بريًا. .. لكن التقديرات الإسرائيليّة تشير إلى خشية أن تؤدي سياسة الاغتيالات إلى ردّ فعل عنيف من حركة "حماس" يقود إلى حرب".
يختلف تقدير القيادات العسكرية خاصة في الكابينت المصغر حول اللجوء لتلك السياسة، وهو مبني على عدم القدرة على إنهاء حالة الصداع النصفي الذي تسببه مسيرات العودة؛ وزير الإسكان الإسرائيلي، يوآف غالانت، في حوار أجراه لموقع "واللا" الإلكتروني، أشار إلى إمكانية توجه أجهزة الاحتلال الأمنية لتصفية مباشرة وتنفيذ عمليات اغتيال بحق قيادات في حركة حماس، وفي مقدمتهم رئيس المكتب السياسي للحركة في غزة، يحيى السنوار، وذلك في ظل الاستعدادات الإسرائيلية لقمع فعاليات "مسيرة العودة الكبرى" الاحتجاجية، عند الشريط الحدودي لقطاع غزة المحاصر، والتي تتزامن مع الذكرى الـ42 ليوم الأرض الخالد، الموافق يوم غد الجمعة، وتستمر حتى منتصف أيار/ مايو المقبل.
قائد المدفعية في قيادة المنطقة الجنوبية العقيد يوفال بن دوف في مقابلة خاصة مع موقع معاريفعن التوتر والمواجهة المقبلة في غزةفي اشارة واضحة لتقدير موقف عسكري الى الحرائق التي تنشب يوميا في مستوطنات الغلاف بفعل الطائرات الورقية والبالونات الحارقة قال: " يجب علينا أن نتذكر دائما بأن الحرائق لم تتسبب حتى اللحظة في وقوع خسائر في الأرواح ، مضيفا : بالرغم من وجود خسائر اقتصادية جسيمة إلا أن هذه الخسائر لم تصل بعد إلى تكلفة يوم واحد من أيام عملية الجرف الصامد ، وبهذه الطريقة يجب أن نفكر ؛ بأن إسرائيل هي الرابح الأكبر من عدم دخولها في معركة في قطاع غزة منذ أكثر من 4 سنوات ، كما أنه يجب العمل قدر الإمكان للحيلولة دون الدخول في معركة جديدة في غزة".
لماذا تلجأ قيادة الاحتلال للتهديد بسياسة الاغتيالات بعد كل مواجهة دون ان تحقق الاهداف وعلى رأسها معادلة الردع؟ الردع في المقام الاول هو الهدف الاساسي لكل مواجهة محدودة او مفتوحة بعد حرب 2014 كان الحديث عن تفعيل الردع ضد المقاومة، وصبت كل الاحاديث للقيادة الإسرائيلية والاعلام حول تحقيق الردع على الارض ضد المقاومة.
في غياب المصالح الاستراتيجية للعودة الى قطاع غزة تتلاشى اهمية الدخول في حرب واسعة؛ الوزير يوآف غالانت وعضو الكابينت قال : " هي ليست القدس ولا جبل الشيخ، نحن لسنا بحاجة إلى أن نكون هناك" ويرى ان المطلوب فقط الوصول" للحد الأدنى من التهديدات الأمنية".
لغة الاغتيال انعكاس لحالة اليأس والعجز الذي وصلت اليها القيادة الصهيونية وهو تهديد الغرض منه اخافة القيادة ووضعها في حالة ارباك وشلل واخذ الاحتياطات وهي بحد ذاتها ترى قيادة الاحتلال انها تؤدي الغرض في الوقت الحالي وتعطي الوقت للمسارات السياسية والدبلوماسية.
ما بعد إسقاط حماس
إجماع على ان اسقاط حماس ليس الحل بل قد تتصاعد الاوضاع الى درجة التهديد شديد الخطر على المنطقة، ويشغل قيادة الاحتلال في معركة جانبية تحرفها عن المعركة الرئيسة والتي اتسعت بقرار ترامب بالحرب الاقتصادية؛ على تركيا وقبلها التصعيد ضد ايران واعلان الحرب الاقتصادية وعودة العقوبات ضد ايران؛ هي جزء منها بل المحرك لها لأنها المستفيد الوحيد منها, غالانت: "إنه ليس من مصلحة إسرائيل احتلال غزة وإدارة شؤون القطاع، معتبرًا أنه في حال إسقاط حماس لن تقبل السلطة الفلسطينية وحتى مصر إدارة شؤون القطاع، لتعقيد الوضع الأمني فيه".
هل الحرب الخاطفة لها القدرة على الانجاز وتحقيق الردع , اذا اعتبرنا ان الاقتصاد الإسرائيلي في المعادلة ؟
تدرك القيادة السياسية والعسكرية للكيان الإسرائيلي انه من المستحيل التحكم في مجريات الحرب وهذا من تجربتها في الحرب السابقة 2014, لذلك لأول مرة تشعر بان الظروف المحيطة بها بقدر ما تغيرت لصالحها لكنها غير كافية لحرب خاطفة نظيفة وان ميزان القوة الذي تحدث عنه الوزير الجنرال عضو الكابينت يوآف غالانت: "موازين القوة هي ألف مقابل واحد لصالح إسرائيل" غير حقيقية لأن الجزء الاكبر من القوة معطل ولا يمكن استخدامه ضد حماسفي قطاع غزة وهذا ما يعيدنا الى ميزان الرعب المعتمد على الجبهات الداخلية وقدرة التحمل للخسائر.
الخلاصة
بقدر ما أحذر من "الحرب الخديعة"، والإشارات التي قد يرسلها البعض من دول المنطقة؛ المرتبطة بجوارحها مع الكيان الإسرائيلي لضرب حماس والانتهاء من معضلة غزة؛ لا شك عندي أنها في جوهرها حرب نفسية؛ للضغط والابتزاز للحصول على الحد الأدنى من الهدوء؛ على الأقل تحييد خطر البالونات والطائرات الورقية من المواجهات الشعبية الدائرة على الحدود الجنوبية مع الكيان الإسرائيلي المحتل.