بات المواطن الفلسطيني غارقا في همومه وقضاياه المجتمعية مثل موعد صرف الرواتب، وحالات الانتحار، والقتل وغيرها، ويعاني من قسوة الأزمات المتتابعة التي يعيشها، وبعيدًا كل البعد عن القضايا الوطنية المصيرية كالقدس والاحتلال والحصار، وربما استطاعت بعض الأطراف حرف هذه البوصلة ناجحة في ذلك بتكريس حالة الانقسام.
والقضايا الوطنية أصبحت موسمية لدى الشعب الفلسطيني، تبرز على السطح حينما تكون هناك أحداث فاعلة ذات صدى على الأرض وبمرور الوقت يخفت التفاعل معها حتى وإن لم يتم حلها سياسيًا، ومن هنا يكمن السؤال عن سبب تفاعل الناس مع القضايا الاجتماعية أكثر من القضايا الوطنية؟!.
الوعي محدود
بين أستاذ علم النفس في جامعة الأقصى بغزةفضل أبو هين أن الوعي الوطني بالنسبة للناس محدود، لأن القضايا الوطنية لا تمس الإنسان بل هي قضايا عامة، وبطبيعة الحال فإن الإنسان ينتمي للمجتمع أكثر من انتمائه للوطن.
وأوضح أبو هين لــ" فلسطين" أن المجتمع الفلسطيني مجتمع قبلي عشائري، يهمه القضايا التي تهم عائلته، أما القضايا الوطنية المشاركة فيها ليست إجبارية بالنسبة له، أما أي قضية تمس مجتمعه فيها إرغام ذاتي نابع من الإنسان نفسه.
وأشار إلى أن المجتمع الفلسطيني يحتاج إلى رقي في الوعي، كما أنه بحاجة إلى نماذج يحتذي بها الناس، وهذه النماذج من القيادات، والمجتمع، والمدرسة، والأسرة، والإعلام أيضا.
وشدد أستاذ علم النفس على دور الإعلام في تطوير وتنمية الوعي الوطني، من خلال تركيزه على القضايا الوطنية وإبرازها، لتحسين وعي الناس اتجاهها.
التراشق الإعلامي
وقال: "تعودنا على مشاهدة التراشق الإعلامي بين قادة الفصائل على شاشات التلفاز وكذلك في الإعلام المقروء والمسموع، وبذلك يعطون نماذج سيئة وقبيحة ليتعلم المواطن منها"، مشددا على ضرورة الانسجام بين الفصائل على الأرض وكذلك في وسائل الإعلام.
وأكد أبو هين على دور التوعية المدرسية، من خلال الحديث عن القضايا الوطنية مع الطلاب، وكذلك التركيز عليها في المنهاج بشكل كبير، لترسيخ وتطوير الإيجابيات داخل الجيل الفلسطيني الناشئ.
ونبه إلى أن أي أمة تريد أن تشغلها في نفسها عليك أن تشغلها بهمومها الشخصية وهذا ما يحدث في كل دول العالم وليس في فلسطين بحسب، والتي أغرق القادة فيها شعبهم بهمومه الشخصية كالرواتب بعيدا عن قضاياه الوطنية وهذا يصب في مصلحة الاحتلال الإسرائيلي والدول التي تقدم الدعم له.
الوعي الشخصي
وأكد أستاذ علم النفس أن تطوير الوعي الشخصي للإنسان هو الذي يساهم في تطوير وترسيخ القضايا الوطنية، وليس القيام بأحداث وقتية ينتهي تأثيرها مجرد أن ينتهي الحدث.
وأشار إلى أن الشعب الفلسطيني لديه قضايا جوهرية كالاحتلال وتهويد القدس وغيرها، تهم الشأن العام الفلسطيني وبالتالي يجب أن تكون بارزة في وسائل الإعلام حتى لا تضعف في أذهان الناس والجيل الناشئ، والبعد عن التركيز على القضايا المجتمعية.
وشدد أبو هين على أن الإعلام يجب أن يكون محط ثقة حتى يمنح المصداقية والثقة لدى المواطن الفلسطيني، من خلال التعامل مع قضايا الوطن بعيدا عن خطاب الحزبية، والتأكيد على أن علم فلسطين هو الذي يجمع الكل الفلسطيني بعيدا عن أعلام الفصائل.
ونبه إلى أنه كلما تطورت الحزبية في الخطاب السياسي الفلسطيني كلما ابتعد الشعب عن حلمه الكبير في التحرير، حيث إن الفصيل أصبح يعلو على الوطن، وكل ذلك أدى إلى تقزيم الوطن وتبجيل الحزب بدلا من القبيلة والعشيرة ونسي الوطن.
(ر.ش)