"سأتحول الآن من مدرس كريم إلى متسول في الشارع" بهذه الكلمات يصف اللاجئ هاني زقزوق حاله إثر قرار وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" فصله من العمل، بعد (19 عاما) من الخدمة.
ويوضح زقزوق الذي فصل مع (125) موظفا، لصحيفة "فلسطين"، أنه كان يعمل مدرسًا في إحدى مدارس الأونروا في مخيم جباليا شمال القطاع، وتم نقله إلى برنامج الطوارئ للعمل كداعم نفسي منذ سنتين.
ويحتفظ زقزوق، بالرسالة التي وجهت له من قبل إدارة الوكالة، والتي تفيد بقرار فصله من الوظيفة، مؤكداً أنها الدليل الوحيد على أنه كان يعمل معها.
وتفاجأ موظفو وكالة "أونروا" يوم 25 يوليو/ تموز الجاري، برسالة إلكترونية تفيد بفصلهم من وظيفتهم، الأمر الذي تسبب في عاصفة من الاحتجاجات أمام مقرها في مدينة غزة.
ويرى زقزوق، أن الوكالة تريد من هذه الإجراءات "إذلال الموظفين وإهانة كرامتهم، وهي عملية سياسية مدبرة بامتياز، هدفها إنهاء وجود اللاجئين على هذه الأرض"، متهمًا الأونروا بالتهرب من مسئولياتها الأساسية بإنهائها لخدمات عشرات الموظفين وسعيها لاتخاذ خطوة مماثلة، بالرغم من أنها وجدت لخدمة اللاجئين وتشغيلهم.
ويتساءل زقزوق: "من المستفيد من هذه الإجراءات؟ وفي مصلحة من تصب؟ وعلى أي أساس تقوم بتقليص خدماتها في قطاع غزة؟ وهل هو نقص مالي كما تدعي إدارة الأونروا؟.
ومنذ أيام يواصل المئات من موظفي وكالة "أونروا" اعتصامهم أمام مكتب مدير عملياتها في غزة ماتياس شمالي، ولاحقاً انضمت إليهم عائلاتهم لمطالبة الأونروا بالعدول عن قراراتها الأخيرة والبحث عن حلول بديلة.
الموظف غازي الملك وعائلته كانوا من أولئك المشاركين في الاعتصام، قال: إنه "غير مقبول إلغاء الوكالة لخدماتها وفصل موظفيها قبل تحقيق حق العودة".
ويشير الملك الذي هجرت العصابات الصهيونية عائلته من مدينة اللد في الأراضي المحتلة عام 1948، خلال حديثه لصحيفة "فلسطين" إلى أن القرارات تهدف لإنهاء قضية اللاجئين، وتصفية القضية الفلسطينية "ولن نصمت على ذلك".
ويضيف الستيني، بأنه يجب على الشعب الفلسطيني عدم السكوت على هذه الإجراءات "لأن القضية ليست قضية ألف موظف، وإنما قضية كل اللاجئين".
ويطالب الملك إدارة الوكالة بإيقاف المأساة التي تحصل للموظفين واللاجئين الذين لأجل خدمتهم وتشغيلهم أُنشئت بعد احتلال فلسطين التاريخية "لا لقتلهم وإذلالهم".
ومع إعلان اتحاد موظفي "الأونروا" عن الاستمرار في خطواته النقابية ضد قرارات إدارة الوكالة، حيث ستشهد الأيام القريبة إضرابا عن الطعام لألف موظف وعائلاتهم، من الموظفين الذين أنهت خدماتهم، أكد مدير عمليات المؤسسة الأممية في قطاع غزة ماتياس شمالي أن التقليصات المالية التي تعرضت لها الأونروا تعود لأبعاد سياسية.
وفي هذا الإطار يقول عضو اللجنة الشعبية للاجئين غازي الحواجرة: "إنه مهما عملت "أونروا" فلن تنهي قضية اللاجئين، لأن ما تقدمه من خدمات حق شرعي أقرته الأمم المتحدة ويجب عليها الاستمرار في تقديم كافة خدماتها المختلفة للاجئين".
وحذر الحواجرة "الأونروا" من اتجاه اللجان لاتخاذ عدة خطوات احتجاجية لمواجهة قرارات الأونروا التعسفية، متمثلة في إغلاق مكاتب الوكالة في القطاع، قائلاً: "لن تمر المؤامرة التي تنتهجها الوكالة بحق اللاجئين وقضيتهم لتصفيتها وإنهائها".
ولم تستجب إدارة "أونروا" لمقترحات قدمها اتحاد الموظفين العرب، تتضمن حلولاً من شأنها حل إشكالية الموظفين الذين تنوي الوكالة فصلهم، ومن بين هذه الحلول، خصم راتب يوم من موظفي "أونروا" سواءً من قطاع غزة أو من مناطق العمليات الخمس، أو احتساب فرق العملة الذي لم يتقاضاه الموظفون عن سنة 2018 والبالغ نحو 4 ملايين دولار.
وتقول الوكالة الأممية إنها تعاني من أزمة مالية خانقة جراء تجميد واشنطن 300 مليون دولار من أصل مساعداتها البالغة 365 مليون دولار.
وتشير الأمم المتحدة إلى أن "أونروا" تحتاج 217 مليون دولار، محذرة من احتمال أن تضطر الوكالة لخفض برامجها بشكل حاد، والتي تتضمن مساعدات غذائية ودوائية.
وتأسست "أونروا" بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، لتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، وهي: الأردن، سوريا، لبنان، الضفة الغربية وقطاع غزة.