فلسطين أون لاين

​بالتربية الصحيحة.. الثقة لا تتحول إلى غرور

...
غزة - نسمة حمتو

الثقة بالنفس عنصر أساس ومهم في تكون شخصية الفرد منذ نشأته، وبها تنشأ شخصية مستقرة وقادرة على اتخاذ القرارات بشكل صحيح، ويكون الواثق من نفسه قوياً أمام الكثير من الاضطرابات التي قد يتعرض إليها، لكن في بعض الأحيان تتحول الثقة بالنفس إلى غرور، فكيف يزرع الآباء والأمهات الثقة بالنفس في أبنائهم بطريقة يضمنون بها أن الثقة لن تكون غرورا؟

الثقة الإيجابية

قال الأخصائي النفسي والاجتماعي زهير ملاخة، إن الثقة بالنفس مهمة جدا للأطفال، وتحقق لهم ثمارًا إيجابية، ولكن على الأهل أن يغرسوها في الطفل بشكلها الإيجابي حتى لا تتحول إلى غرور.

وأضاف لـ"فلسطين": "بعض الأطفال يتمتعون بثقة عالية في النفس، ويصل الاعتداد الزائد بالنفس إلى حد الغرور، ما يزعج الأهل منهم، ويبعد عنهم أقرانهم".

وتابع: "البيئة التي يعيش فيها الطفل هي التي تحدد ما إذا كان الطفل مغروراً أو واثقاً من نفسه".

وبين أن "الفرق بين الغرور والثقة بالنفس واضح، فلا يجب على الوالدين المبالغة في المديح مع الأطفال كي لا تصل ثقتهم بأنفسهم إلى درجة الغرور"، مشيرا إلى أن مصدر الغرور غالباً ما يكون نقصا مما يعاني منه الطفل.

وأكّد أن سلوك الوالدين يجب أن يكون نموذجًا يقتدي به الطفل ويحاكيه، من حيث الاعتماد على النفس والتعود على تحمل المسئولية والمشاركة والتعاون مع الغير سواء في المنزل أم المدرسة.

ومن الطرق التي يجب أن يتبعها الأهل لزيادة ثقة الطفل بنفسه، ذكر ملاخة الحوار الجيد والاستماع لرأي الطفل باهتمام والحديث معه بشكل مهذب وإشراكه في المناسبات الاجتماعية، وكذلك التعبير له عن الحب بشكل غير مشروط، فالطفل يحتاج إلى العناق والحنان، وإعطائه مساحة واسعة للتعبير عن مشاعره، ومراعاة مشاعره دون إهماله.

ولفت إلى أن ما يساهم أيضا في زرع الثقة بالنفس عند الأطفال دفعهم لاختيار أشيائهم الخاصة بأنفسهم، كشراء الألعاب أو المشاركة في اختيار الملابس وتنسيق الألوان، أو حتى أشياء للأسرة والمنزل.

وبيّن: "كذلك مدح الطفل بكلمات يحبها أمام الآخرين يعزز من ثقته بنفسه ويزيده قوة، مع إظهار الأهل ثقتهم بابنهم وبقدرته على أداء واجباته بنفسه، إلى جانب مكافأته على أفعاله الجيدة".

بالتربية المعتدلة

وإلى جانب هذه الطرق الإيجابية، ثمة سلبيات على الأهل الانتباه لعدم الوقوع فيها، إذ أوضح ملاخة: "ينبغي الابتعاد عن الإيحاءات والكلمات السلبية التي تهدم شخصية الطفل كالقول إنه ضعيف أو غير ناجح، فهي تسهم في تشويه نظرة الطفل لذاته، مع أهمية البعد عن السيطرة السلبية عليه ومحو الشخصية، واستبدال ذلك بالاحتواء العاطفي والتربوي الوالدي للطفل".

وقال: "بهذه الطريقة نعزز المهارات الإيجابية لدى أبنائنا ونغرس فيهم مفاهيم وقيم جميلة ونسهم في تعديل مسار التفكير عندهم، وبذلك يستطيع الطفل فعلاً أن يشكل هويته بشكل إيجابي ويشعر بالسعادة مع نفسه ويقدرها ويراها ذات مكانة كبيرة ويشعر بالمسئولية تجاه نفسه وأهله، إضافة إلى أنه قد ينمو عنده ذكاء متعدد ويستشعر قيمة وجمال العمل الصالح وحسن العطاء والتعاون بمحض إرادته".

وأضاف: "وبذلك تكون الثقة هي الحالة القائمة، والتي تتحقق بفعل التربية المعتدلة الجامعة المانعة التي تهتم بكل جوانب الشخصية وتُحسن إشباعها بما يحقق التوازن للطفل".

وفي حال تحولت ثقة الطفل بنفس إلى غرور، حذّر ملاخة من التعامل معه بسلبية، مشيرا إلى أن بعض أولياء الأمور في هذه الحالة يقللون من شأن أطفالهم ويعملون على إضعاف ثقتهم بأنفسهم، ظنا منهم أنهم بذلك يعالجون مشكلة الغرور، وهم لا يدرون أنهم بهذه الطريقة يحولون أطفالهم إلى ضعيفي الشخصية.