فلسطين أون لاين

جروح النزوح

الجُرح التاسع والخمسون: ذوو الاحتياجات الخاصة

ثمة فهمٌ خطأ عند أغلبية الناس لمفهوم ذوي الاحتياجات الخاصة بأنهم هم الذين قدّر الله عز وجل لهم أن يُصابوا بإعاقة سمعية أو بصرية أو حركية، وربما يكون الواحد منهم مصاباً بأكثر من إعاقة، لكن الفهم السليم أن ذا الاحتياجات الخاصة قد يكون سليماً من ناحية الحركة والسلوك والعقل، فهو يمتاز بقدرات عقلية ومهارات سلوكية غير متوفرة عند الآخرين، مثل أن تجد طفلاً لم يتجاوز عمره خمس سنوات يمكنه أن يعطيك حاصل ضرب أي رقم في وقت قليل جداً دون استخدام أي أداة.

وهذا الصنف وما سبق الحديث عنه، يصلح تسميته أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة؛ لأنه بالفعل بحاجة لاهتمامٍ خاص من المجتمع.

سنتطرق للصنفين، فالأول يعاني أكثر؛ لأن الإنسان الذي يعاني إعاقة حركية أو بصرية أو سمعية لا يمكنه التعامل مع المعطيات الميدانية خلال العدوان، فالأصم لا يسمع الرصاص، والأبكم لا يعبر عن تخوفه مما يراه أو يسمعه، والمعاق حركياً لا يمكنه الانتقال لمكان آمن إلا بمساعدة آخرين خاصة إن كان كبير السن، أو كان الانتقال مفاجئاً كما في كثير من حالات النزوح القسري.

ومن أوجه المعاناة التي يعانيها ولا يزال ذوو الاحتياجات الخاصة عدم توافر الأجهزة والأدوات التي تساعدهم على ممارسة حياتهم وفق ظروف إعاقتهم، فمثلاً المصاب الحركي يفتقد للأطراف الصناعية، والمعاق بصرياً يفتقد لأجهزة تساعده على تحسين الرؤية وأجهزة التعلم "برايل"، والمعاق سمعياً يفتقد أجهزة تحسين السمع، إضافة لعدم توافر الطعام والشراب والدواء والكساء المناسب لهم، وإن الطرق قد دمرها العدوان، و لم تعد الكراسي المتحركة تساعدهم على السير فيها؛ لأنها تهالكت بفعل منع الاحتلال إدخال كراسي جديدة إضافة إلى "العكاز ".

ودخولاً في عالم الأرقام فقد بلغ عدد الذين أصبحوا من ذوي الاحتياجات الخاصة نتيجة العدوان الإسرائيلي على غزة منذ أكتوبر2023، حسب تقرير نشرته اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التابعة للأمم المتحدة، في سبتمبر2025 نحو 40 ألفا و500 طفل تعرّضوا لإصابات مرتبطة بالحرب خلال فترة العامين، بات أكثر من نصفهم يعانون إعاقات.

لكن على الرغم مما أصابهم من معاناة، خاصة الحركية، فإننا نجد أن فيهم روح التحدي عالية والإصرار على مواصلة الحياة رغم كل المعيقات، فقد نظمت جمعية فلسطين لكرة القدم البتر بالشراكة مع مؤسسة تركية، دوري" بطولة الأمل" شملت أربعة فرق تضم لاعبين تعرّضوا للبتر في الأطراف العليا أو السفلى.

أما بخصوص الصنف الثاني فهم الموهوبون الذين حرمهم الاحتلال من التواصل مع مؤسسات خارجية لتنمية مواهبهم في كافة المجالات، وقد استشهد عدد كبير منهم في العدوان.

يبقى القول واجباً بأن أصحاب الكف الحق سيواجهون المخرز الباطل مهما كانت التضحيات، لأنهم يؤمنون بأن "ما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غِلابا"

المصدر / فلسطين أون لاين