فلسطين أون لاين

تقرير مجزرة عائلة عبد الغفور .. تحت الركام أحبة ننتظر انتشالهم

...
خانيونس / علي البطة

تحت هذا الركام أحبة لنا ننتظر انتشالهم لندفنهم بما يليق بهم .. بهذه الكلمات علّق محمود عبد الغفور فيما كان ينهمك بمساعدة عدد من أفراد عائلته في محاولة انتشال جثامين من أفراد العائلة من تحت الأنقاض.

على مدار أيام حاول أفراد من عائلة عبد الغفور انتشال جثامين أفراد من العائلة استشهدوا في واحدة من مجازر الاحتلال البشعة ضد المدنيين في خانيونس قطاع غزة.

جثامين تحت الركام

وقال عبد الغفور لـ "فلسطين أون لاين": كان لدينا أمل بعد انسحاب قوات الاحتلال أن ننتشل جثامين الشهداء ولكن انتشلنا عدد منهم وبقي آخرون تحت الركام .. فلا معدات لدى الدفاع المدني تساعد على إزالة الركام واستخراج الجثامين.

وأشار عبد الغفور إلى الركام بأسى، وقال: هناك يوجد جثمان شقيقتي الغالية سمية وزوجها وابنيها الطفل محمود وسلامة الذي بترت ساقه في قصف سابق، إضافة إلى عمي الكبير وعدد من أبنائه وأحفاده.

وقصفت طائرات الاحتلال منزلين لعائلة عبد الغفور في السطر الغربي في 7 ديسمبر الماضي، بعد يومين من التوغل الصهيوني في المنطقة ما أدى إلى استشهاد 36 شخصًا من العائلة.

وطوال فترة توغل جيش الاحتلال "الإسرائيلي" ذهبت أدراج الرياح مناشدات العائلة للوصول إلى المنزلين المستهدفين، حيث بقي مصير من هم في المنزلين مجهولين على مدار 42 يومًا حتى تمكن 9 من أفراد العائلة من مغادرة منزل ثالث لهم في المنطقة ليؤكدوا استشهاد 36 شخصًا منهم أسر مسحت من السجل المدني بالكامل.

المجزرة والحصار

من السودان عاد طالب الطب محمود هشام عبد الغفور، هربًا من الحرب هناك إلى غزة، ليجد نفسه في مواجهة حرب إبادة غير مسبوقة فقد فيها والده وجده وعددًا كبيرًا من أعمامه وأبنائهم، وكاد هو وباقي اسرته يكونون ضمن الشهداء.

وفي شهادته حول ما حدث يقول عبد الغفور: أنا طالب سنة خامسة في كلية الطب كنت أدرس بالسودان، وعدت إلى قطاع غزة، قبل عدة أسابيع من 7 أكتوبر الماضي، بسبب الحرب التي اندلعت في السودان، حيث قررت أن أعود لبلدي، وما هي إلاّ عدة أسابيع حتى انفجرت الحرب هنا مع قصف وخوف لا يتوقف.

واستذكر بألم ما حدث مشيرًا إلى أنه في 1/12/2023، أعلنت قوات الاحتلال بدء توغل بري في خانيونس وأصدرت أوامر بإخلاء بلدات المنطقة الشرقية. 

وقال: في اليوم الثاني بدأنا نسمع أن هناك أوامر تهجير تشمل منطقتنا، ولكن أهلي قرروا البقاء، نحن مدنيون، وأين يمكن أن نذهب، فبقينا في المنازل.

وأضاف: لم نكن نتخيل أن جيش الاحتلال يمكن أن يصل مناطقنا. في هذا اليوم خاصة مساءً، نفذت طائرات الاحتلال غارات عنيفة على شكل أحزمة نارية في المنطقة. كان الوضع مرعبا جدًا وكان واضح أن الهدف إخافة الناس، وجزء من الناس أخلوا بالفعل، منهم أحد أعمامي.

وذكر أنهم لجؤوا مساء 4/12/2023، إلى بدروم منزل زوج خالته المجاور لهم، لأن أصوات القصف والصواريخ والأحزمة النارية كانت شديدة.

يقول: كانت تلك ليلة صعبة لا يمكن أن ننساها، كنا مذهولين من كمية وشدة الصواريخ والأحزمة النارية وكنا نسمع أصوات اشتباكات.

يتابع: نمنا ليلتنا وأصبحنا يوم 5/12/2023، وبدأنا نسمع صوت الدبابات وعرفنا أن قوات الاحتلال توغلت في منطقة السطر الغربي. كانت ساعات مليئة بالخوف والقلق، ولكن كنا نتحرك بين منزلنا ومنازل أعمامي. ليلتان مرتا بصعوبة لم ننم فيهما.

وقال: إن ابن عمه محمود سمير عبد الغفور خرج من المنزل يرسل الطحين لعائلة الجيران، وعندما تأخر ذهب والده وعمه للبحث عنه إلا أن طائرات الاحتلال استهدفتهم ليستشهد سمير.

وأضاف: بعد دقائق الطائرات الصهيونية قصفت منزل عمي سمير على من فيه وكذلك منزل عمي عبد الرؤوف على من فيه .. كانت مجزرة أغلب الشهداء أطفال ونساء.

واضطر هو ووالدته وإخوانه على ابلقاء في منزل زوج خالته 42 يومًا حتى تمكنوا من مغادرة المنطقة حين تراجعت قوات الاحتلال عن المنطقة.

 وقال: أصابتنا الأمراض، وشعرنا بالجوع والعطش على مدار 40 يومًا، كنا محاصرين في البدروم، وعلى بعد أمتار منا جثث ذوينا لا نستطيع أن نصلهم. كنا نصوم الاثنين والخميس لكي نوفر الطعام والماء.
 
وذكر أنه في 27/12/2023، قصفت طائرات الاحتلال شخصا مريضاً نفسياً على باب منزلنا ولم نستطع أن نقدم له أي مساعدة لأن طائرات الاحتلال كانت فوقنا ولم نستطع الخروج، وكنا نشاهد الكلاب والقطط وهي تنهش في جثمانه إلى أن بقي عظما فقط.!

وحول خروجهم من المنطقة، قال: في 17/1/2024، سمعنا صوت حركة في الشارع، وتحققنا من داخل المنزل من الأمر لأن الصوت كان عاليا فإذا هم أبناء الحارة لأن جيش الاحتلال انسحب من المكان، وهم جاؤوا ليتفقدوا بيوتهم.
وأضاف: في هذه اللحظة جاء أحد الجيران وأخذ ينادي علينا بأن نخرج من المنزل.  وخرجنا كانت وجوهنا شاحبة من الخوف ومن الجوع وما واجهناه، وغادرنا المنطقة باتجاه المواصي ومنها إلى رفح، وبقي الشهداء تحت الأنقاض وفي الشارع.

وتبقى هذه المجزرة واحدة من المجازر الوحشية التي ارتكبها الاحتلال ولا تزال شاهدة على فصول الإبادة الجماعية في قطاع غزة.