تنساب روائح عطرية فواحة من محل صغير في قلب مدينة غزة، حيث يعكف الشاب إبراهيم أبو سرايا على صناعة البخور الذي تشهد إقبالًا كثيرًا من الناس في شهر رمضان.
اكتشف إبراهيم منذ أعوام قليلة شغفه في صناعة البخور، وسجل تميزًا في عالم العطور الذي يعمل فيه منذ 17 عامًا.
ويقول لصحيفة "فلسطين": "استطعت بالتجربة الشخصية أن أصل إلى منتج يضاهي المنتجات المستوردة، وقد أصبح عليها قبولًا كبيرًا ولا سيما في شهر رمضان الفضيل".
يوضح إبراهيم (34 عامًا) أن صناعة البخور تقوم على مزج المواد الخام مع بعضها البعض، "ولكن هذا الأمر ليس بتلك السهولة بل يحتاج إلى خبرة ومعرفة ودراية في مجال الروائح العطرية، ليتمكن من إنتاج مادة عطرية تتناسب مع أذواق الزبائن"، وفق حديثه.
ويشير أبو سرايا إلى أن بعض المواد الخام التي تدخل في صناعة البخور متوفرة في غزة، وأخرى تستورد من مصر، ويستخدم في تصنيعه خشب العود ودكة البخور والمسك والعنبر والصمغ العربي الشهابي وبعض أدهان العود وهو زيت خشب العود، ومجموعة خاصة من الزيوت العطرية النقية.
وعن آلية صناعة البخور، يوضح أن تصنيعه للبخور يدوي بالكامل لعدم توفر الآلات المستخدمة في ذلك، فيُطحن خشب العود ويدق، ويدمج بالمواد العطرية الخام، ويضاف إليهم المسك والعنبر والصبغ العربي، ومن ثم يوضع الخليط الناتج في مكبس لتشكيلها بأشكال مختلفة، لاحقًا بعد جفافها وتعبأ في علب مخصصة وتوزع على المحلات التجارية.
ويشكل إبراهيم البخور بأشكال مختلفة كالأقراص المخروطية، والدائرية، أو المربع، أو أعواد، فيما يطلبه بعض الزبائن مطحونًا حيث يستخدمونه في المباخر الكهربائية أو تلك التي تعمل بالفحم.
ويصنع إبراهيم البخور بعطور شرقية خليجية كالعود والمسك، وغربية تتوافر لديه في متجره، مشيرًا إلى أن الطلب يزداد على البخور بأنواعه المختلفة وأشكاله في شهر رمضان لتعطير البيوت وتطييب الأثاث وعند استقبال الضيوف، والتخلص من روائح الطهي.
ويلفت إلى أن انتشار المباخر بأشكالها الجذابة، جعلها تضفي أجواء جميلة في المنازل، وتستخدم لأغراض التصوير ونشر المقاطع المصورة على شبكات التواصل، حيث راج البخور في المدة الأخيرة بعد أن كان الإقبال عليه شبه معدوم في غزة.
ولإبراهيم زبائن من عدة دول كالجزائر والمغرب واليونان، ولكنه واجه تحديًا كبيرًا في تصدير منتجه المحلي، إذ لم يتمكن في بداية الأمر من توسيع العملية الإنتاجية والتصدير، "ما دفعني لفتح خط إنتاج في مصر لأجل تصنيع البخور هناك والتمكن من التصدير للخارج".
وبهذه الخطوة استطاع التغلب على مشكلة عدم توفر بعض المواد التي يحتاجها في تصنيع البخور، واعتمد خطوات الإنتاج في مصر ليتمكن من تنظيم عملية الاستيراد، وتوفير المواد الخام التي يحتاجها، واستطاع أن يجد لمنتجه مكانة بعدما أثبت جودته مقارنة في أنواع أخرى.
ويبَّن أن تغيير ثقافة المستهلك ليس بالأمر السهل بل يحتاج إلى وقت طويل لإثبات جودة ما يقوم بتصنيعه مقابل المستورد، ويتمنى أن يتمكن من أن يصل منتجه لجميع البلدان العربية، ويفتح بهم خطوط إنتاج.
ويعرف البخور كتراث خليجي، وتنشهر أيضًا مصر في بيعه وإنتاجه، ولكن في فلسطين فهو ثقافة جديدة باتت تلقى قبولًا في الفترة الأخيرة.