فلسطين أون لاين

​نتنياهو يهرب من حل القضية الفلسطينية إلى التطبيع دوليًّا

...
نتنياهو خلال زيارته للأرجنتين أمس (أ ف ب)
رام الله / غزة - نبيل سنونو

من الأرجنتين، بدأ رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جولة جديدة في الترويج للتطبيع مع (إسرائيل) دون ربط ذلك بحل القضية الفلسطينية.

لكن نتنياهو الذي يجري هذه الجولة، بصفته أول رئيس حكومة احتلال إسرائيلي يزور أمريكا اللاتينية، بما يشمل كولومبيا والمكسيك، تلقى على ما يبدو صفعة أفريقية أمس.

وهذه الجولات الدولية لنتنياهو، هي "بالطبع على حساب القضية الفلسطينية" _بحسب المتخصص في شؤون الاحتلال الإسرائيلي وديع عواودة_ الذي يبين أن ذلك يأتي في ظل انشغال العالم العربي بنفسه.

ويضيف عواودة، لصحيفة "فلسطين"، أن هذه المساعي الإسرائيلية تأتي بينما "العالم بات يتجاهل القضية الفلسطينية، ويتعامل معها من باب رفع العتب، ويهتم أكثر بالمصالح وهو لا يحترم الضعفاء ولا المنشغلين بخلافات تدوم لسنوات"، في إشارة إلى الأزمات التي تشهدها بعض الدول العربية.

وبالتالي فإن دولة الاحتلال الإسرائيلي تسعى إلى "تعزيز شرعيتها" بخلاف ما كان يحلم به البعض، بأن (إسرائيل) في عزلة، والكلام لا يزال لعواودة.

ويتابع: "(إسرائيل) ليست في عزلة بل في حالة ازدهار دبلوماسية بدليل أن الأبواب تفتح لها في أفريقيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأقصى وفي كل مكان، وحتى مع الدول العربية الشقيقة"، مردفًا: "لا شك أن غياب الدبلوماسية العربية وضعف وانشغال الفلسطينيين ببعضهم بعضًا يأتي بهذه النتيجة".

وينبه إلى أن الدول التي تطرق (إسرائيل) بابها، لها مصالح غير القضية الفلسطينية، في مجالات السياسة والدبلوماسية والاقتصاد وغيرها.

ويعتبر أن نجاح سلطات الاحتلال في تعزيز علاقاتها الدولية، "ليس بحاجة إلى تنبؤ"، معللًا ذلك بأن الأخيرة عقدت اتفاقيات تعاون بملايين الدولارات، ومثال على ذلك الهند، ودول أفريقية، وأخرى في أمريكا اللاتينية.

وزار رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي فلسطين المحتلة 1948م في يوليو/تموز الماضي، ليصبح أول رئيس حكومة هندي على الإطلاق يزور (تل أبيب).

ويقول عواودة: إن سلطات الاحتلال "نجحت وتنجح بالمجمل، لكن هناك حالات استثنائية"، مبينًا أن هذا "النجاح يعود لأسباب عدة منها قوة (إسرائيل) الاقتصادية والعسكرية والاستخبارية والتكنولوجية واستثمارها من أجل تعزيز مكانتها الدبلوماسية في العالم الذي بات الآن منشغلا بنفسه ويصرف الأنظار عن قضية فلسطين".

ويلقي عواودة باللوم أيضًا على تطبيع بعض الدول العربية مع (إسرائيل)، قائلا إنه عندما ترى الأرجنتين على سبيل المثال هذه الدول تهرول نحو التطبيع، فإنها تنظر لمصالحها.

ويرى أن الحل والربط بيد الفلسطينيين من خلال عدم لهث السلطة وراء مفاوضات لا طائل منها، فضلا عن ضرورة إنهاء الانقسام.

لكنه يوضح في الوقت نفسه أن قرار تأجيل عقد مؤتمر أفريقي إسرائيلي كان مقررا في توغو في الثلث الأخير من شهر أكتوبر المقبل، إلى إشعار آخر، هو بمثابة فشل لحكومة الاحتلال.

ويتابع: "لكن هذه حالة استثنائية، فـ(إسرائيل) بشكل عام تمضي في مراكمة نقاط دبلوماسية في العالم"، مبينا أنه في ظل ذلك، الاحتلال والتهويد مستمران، والضفة الغربية باتت مقسمة ومجزأة ومنهوبة، والقدس محاصرة، والعالم يكتفي بأحسن الأحوال بالاستنكار.

ولـ(إسرائيل) سفارات في 10 دول أفريقية من أصل 54 دولة، وهي: السنغال، مصر، أنغولا، غانا، كوت ديفوار، إثيوبيا، جنوب أفريقيا، نيجيريا، كينيا والكاميرون، عدا عن العديد من السفراء الإسرائيليين غير المقيمين في دول أفريقية.

"منتظمة ومستمرة"

من جهته، يقول عضو اللجنة الفلسطينية لمقاطعة (إسرائيل) البروفيسور مازن قمصية: إن من المعلوم في تاريخ الحركات الاستعمارية أن المحتل هو كالحرامي الذي يريد من العالم أن يعترف له بصحة ما قام به، وأن يتناسى السرقة والاستعمار.

ويضيف لصحيفة "فلسطين"، أن من المتوقع من أي حركة استعمارية أن تحاول التطبيع مع محيطها بعد أن سرقت وقتلت وما تزال مستمرة بالسرقة والقتل، مبينا أن حكومة الاحتلال حاولت ذلك وحققت بعض النجاحات وبعض الفشل.

ويؤكد أن فشل أو نجاح حكومة الاحتلال في مساعيها إلى تطبيع علاقاتها مع دول العالم وتطوير اقتصادها في ظل استمرار الاحتلال والهيمنة على الشرق الأوسط، "يعتمد بشكل أساس على عملنا كشعوب عربية وإسلامية وخاصة الشعب الفلسطيني وقيادته".

ويحذر قمصية، من أن الهدف الرئيس لمساعي سلطات الاحتلال هو إنهاء القضية الفلسطينية والاعتراف العالمي بـ(إسرائيل) كـ"دولة يهودية"، وتصوير أن الشعب الفلسطيني ليس له وجود، وأن حل هذه القضية هو عن طريق تهجير الفلسطينيين وإنشاء حكم ذاتي لبعض الفلسطينيين الباقين في فلسطين، إلى أن يتم الضغط الاقتصادي عليهم حتى يرحلوا.

ويتابع: "الآن نحن في إطار تراجع من ناحية دعم الحكومات في أمريكا الجنوبية للقضية الفلسطينية وهذا يعود بشكل أساس لتكاسلنا وتكاسل قادتنا وهذه المعاهدة (المسماة) أوسلو وما تبعها"، مردفا: "المسؤولية الرئيسة تقع على عاتقنا، يجب أن ننظر إلى المرآة ونرى ماذا نفعل، ونحسن علاقاتنا كشعوب وقيادات مع هذه الحكومات".

وينبه إلى أن سلطات الاحتلال تنفذ مساعيها "بصورة منتظمة ومستمرة".

وعن إمكانات نشطاء المقاطعة في مواجهة ذلك، يوضح أن لجان المقاطعة هي أفراد واهتمامات فردية، قائلًا: "منظمة التحرير لم تعد كما كانت في السابق. هناك مشكلة كبيرة في القيادة الفلسطينية"؛ وفق تعبيره.

ويضيف بأن أهم شيء يجب القيام به إضافة إلى الإنجازات الفردية والجماعية لحركة المقاطعة، هو التفكير في كيفية وآلية الوصول إلى قيادة فلسطينية موحدة بديمقراطية تحت ظلال منظمة تحرير فلسطينية جديدة تقوم بتحديد أولويات الشعب الفلسطيني.

ويشدد على أن الأولوية الرئيسة هي مقاومة الاحتلال والاستعمار ومقاطعة (إسرائيل) في كل المحافل الدولية وملاحقتها، متممًا بأن "المقاومة هي السبيل والأسلوب، والتحرير هو الهدف".