قلنا في مقال سابق، إن عودة العلاقات الإيرانية السعودية بحسب اتفاق الوساطة الصينية له ارتدادات في ملفات عديدة، ومنها الملف اليمني، والملف السوري، والملف اللبناني، ولها تداعيات ربما على ملف العلاقات السعودية الأمريكية، وملف العلاقات مع تل أبيب.
لم تمضِ أسابيع معدودة حتى نقلت لنا وسائل الإعلام خبر عودة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وسوريا، وعن افتتاح سفارة سعودية في دمشق، وسفارة سورية في الرياض، وهو ما يمهد لعودة العلاقات الخليجية مع سوريا، والتمهيد لعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية.
ما جرى، وما قد يجري في هذه الملفات لا يلقى تفهمًا ورضا من البيت الأبيض، لأن البيت الأبيض لا يريد أن تتقدم هذه الملفات (الإيراني والسوري واليمني) باتجاه الحلّ دون تحقيق الرؤية والشروط الأمريكية، ولكن دول الإقليم ذهبت فيما يبدو إلى هذه المعالجات بدون انتظار أمريكا، أو التشاور معها، لأنه ثمة جفوة معينة بين المملكة والبيت الأبيض، بسبب تدخل البيت الأبيض السافر في شؤون الحكم في السعودية.
إنه إذا قرأت الصحف ووسائل الإعلام الأخرى تحولات جذرية في لقاء القمة بين بوتين والرئيس الصيني، وأن الطرفان دشنا هذه التحولات ومنها: محاصرة الدولار، ومواجهة القطبية الأحادية، والعمل على تعدد الأقطاب، وخلاف ذلك، فإنه بعودة العلاقات السعودية الإيرانية دشن الطرفان ما يمكن تسميته بالتحولات الإقليمية ذات المغزى، والأثر في ملفات عديدة بالمنطقة.
ما أود قوله، إن العالم يتغير على المستوى الدولي وعلى المستوى الإقليمي، ومن يريد أن يكون له وزن دولي أو إقليمي فعليه أن يكون فاعلًا في هذه التحولات، وعليه أن يغادر منصة المتفرجين، بل وأن يغادر الماضي المتكلس.
في ضوء هذه التحولات يجدر بنا أن نسأل، كيف لقضيتا الفلسطينية أن تستفيد من هذه التحولات؟ وكيف لنا أن نكون جزءًا فاعلًا فيها وأن نجعل منها أداة تدفع الأطماع الصهيونية التي تنكر وجودنا كشعب، وتاريخ، وحضارة؟ إن توثيق علاقة السلطة (بإسرائيل) أمنيًا لا يخدمنا البتة في هذه التحولات الكبيرة، فعلينا أن نتدبر أمرنا بعيدًا عن دولة الاحتلال، إن لم يكن في زيادة درجة مواجهتنا لأطماعها.