شهدت الضفة الغربية في الفترة الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في وتيرة العمليات المسلحة التي ينفذها مقاومون ضد أهداف عسكرية إسرائيلية، وذلك على الرغم من الحملات الأمنية المكثفة التي تشنها سلطات الاحتلال في مناطق متفرقة من الضفة، وخاصة في مخيم جنين ومدينة نابلس.
تُعدّ هذه العمليات جزءاً من استراتيجية المقاومة الفلسطينية المستمرة ضد الاحتلال الإسرائيلي، كما تشكل دعماً لجبهة المقاومة في قطاع غزة. وقد أسفرت هذه العمليات عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المستوطنين وقوات الاحتلال، مما خلق تداعيات أمنية وسياسية كبيرة.
من أبرز هذه العمليات، الهجوم الذي وقع بالقرب من قرية الفندق شرق قلقيلية، حيث استهدف مقاومون حافلة إسرائيلية ومركبة عسكرية، مما أدى إلى مقتل ثلاثة مستوطنين، بينهم ضابط في جيش الاحتلال، وإصابة سبعة آخرين، بينهم حالتان خطيرتان. وقد نفذت العملية مجموعة مسلحة استقلت سيارة وفتحت النار على الأهداف المحددة قبل أن تنسحب بسرعة، مما يعكس مستوى عالياً من التنظيم والتخطيط.
جبهة استنزاف استراتيجية
في هذا السياق، أكد الخبير العسكري يوسف الشرقاوي أن الضفة الغربية تُعدّ واحدة من أخطر الجبهات وأكثرها تأثيراً على دولة الاحتلال، وذلك بسبب عوامل متعددة، أبرزها قربها الجغرافي من العمق الإسرائيلي، وقدرة المقاومة على تنفيذ عمليات سريعة ومؤثرة حتى باستخدام أدوات بسيطة.
وأوضح الشرقاوي لـ "فلسطين أون لاين" أن الضفة الغربية يمكن أن تشكل جبهة استنزاف طويلة الأمد لجيش الاحتلال، حيث تعمل العمليات المسلحة على إرهاق المؤسسات الأمنية الإسرائيلية وإبقائها في حالة تأهب دائم.
وأضاف: "الضفة تختلف عن قطاع غزة من حيث المساحة والقدرة على الوصول إلى أهداف استراتيجية داخل (إسرائيل)، مما يجعلها أكثر خطورة على الاحتلال".
كما أشار إلى أن طبيعة العمليات في الضفة تتيح للمقاومين سهولة الوصول إلى الأهداف، سواء سيراً على الأقدام أو باستخدام المركبات، مع إمكانية الاختفاء لفترات طويلة، مما يصعب على قوات الاحتلال تعقب المنفذين.
من العمليات الفردية إلى العمل المنظم
من جهته، أكد المختص في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد أن تصاعد عمليات المقاومة في الضفة الغربية يأتي كردّ فعل طبيعي على تصاعد جرائم المستوطنين وقوات الاحتلال في القرى والبلدات الفلسطينية.
وأضاف أبو عواد لـ"فلسطين أون لاين": "لا يوجد بديل للضفة الغربية إلا مقاومة الاحتلال، خاصة في ظل حكومة بنيامين نتنياهو الأكثر تطرفاً في تاريخ (إسرائيل)". وأشار إلى أن طبيعة المقاومة في الضفة شهدت تطوراً كبيراً بعد عملية "طوفان الأقصى"، حيث تحولت من عمليات فردية إلى عمل فصائلي منظم يعتمد على مجموعات صغيرة ومغلقة، مما يصعب على الاحتلال اختراقها أو القضاء عليها.
وأوضح أن هذا التطور يعكس أيضاً تغيراً في الحالة الفكرية لدى الشباب الفلسطيني، وخاصة في الفئة العمرية بين 18 و25 عاماً، الذين باتوا يؤمنون بأن المقاومة المسلحة هي السبيل الوحيد لمواجهة الاحتلال وتحقيق التحرر.