بصورة تدريجية أخذت المواقف الإقليمية والدولية تصدر تباعا صد إجراءات الاحتلال الأخيرة الخاصة باستصدار قرارات للبناء الاستيطاني، بعد تجميد استغرق عدة أشهر إلى حين استكمال الحكومة ترتيباتها الداخلية، وضمنت حالة من الاستقرار الائتلافي.
تدرك حكومة الاحتلال أن المجتمع الدولي عموما، والإدارة الأمريكية خصوصا، تعول على بقائها، وتسعى للحيلولة دون عودة نتنياهو إلى صدارة المشهد السياسي الإسرائيلي، لأن ذلك يعني وصفة ذهبية لصِدام شهدته حقبتا أوباما بين 2012-2020، الأمر الذي يدفع بايدن إلى العمل بكل ما لديه من جهود لتثبيت أركان الحكومة الإسرائيلية، وإمدادها بأسباب البقاء والديمومة.
ربما فهمت (تل أبيب) هذه القناعة الدولية خطأ، وظنت أن الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي قد يقبلان ببقائها، وتصدرها للحالة الحكومية بأي ثمن، فقط من أجل منع نتنياهو من العودة، ولذلك بادرت إلى استئناف قراراتها الاستيطانية بصورة أثارت ردود فعل دولية غاضبة، وصلت حد أن تصدر 12 دولة أوروبية دفعة واحدة بيانا مشتركا ضد هذه الإجراءات، فضلا عن الموقف الأمريكي؛ ما يعني أننا قد نكون عشية أزمة تشهدها العلاقات الإسرائيلية الخارجية.
لقد جاء الموقف الأوروبي الجماعي ضد الاحتلال الإسرائيلي، ودعوته للتخلي عن خطّته لبناء ثلاثة آلاف وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة، تصعيدا سياسيا ودبلوماسيا لعله الأول من نوعه منذ سنوات، مع العلم أن الدول هي: ألمانيا، وفرنسا، وبلجيكا، وإسبانيا، وإيطاليا، وبولندا، والسويد، والنرويج، وفنلندا، والدنمارك، وإيرلندا، وهولندا، التي أصدرت جميعها بياناً مشتركًا حثّت فيه حكومة الاحتلال على التراجع عن قرارها.
يأتي الموقف الأوروبي الجماعي عقب إعلان الاحتلال الإسرائيلي عزمه بناء 1355 وحدة سكنية استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة، نشرت تحت إشراف وزير الإسكان زئيف إلكين، وستضاف هذه الوحدات السكنية إلى أكثر من 2000 وحدة استيطانية من المتوقع أن تحصل على الضوء الأخضر النهائي من حكومة الاحتلال.
من الواضح أننا أمام مواقف أوروبية ودولية مهمة، ومهمة جدا، يبنى عليها من قبل أنصار القضية الفلسطينية داخل القارة الأوروبية تحديدا، والمجتمع الدولي عموما، على اعتبار أن هذه المواقف تشكل إدانة جماعية لسياسة الاستيطان الإسرائيلي التي استأنفتها حكومة الاحتلال في الأسابيع الأخيرة.
في السياق ذاته، تجدر الإشارة إلى أن صدور هذه المواقف الأوروبية الجديدة، وهي محل ترحيب، لم يشمل دولا أوروبية أخرى؛ ما يستدعي التعرف إلى أسبابها، والعمل على حثها للانضمام لهذا الموقف الذي ينسجم مع القوانين الأوروبية والمواثيق الدولية.
في الوقت ذاته، من الأهمية بمكان أن يتلو هذه المواقف الدولية المقدرة سياسات ميدانية لترجمتها، من خلال فرض عقوبات على الاحتلال، ووقف التعامل مع الشركات العاملة داخل المستوطنات، فضلا عن مقاطعة البضائع المنتجة داخلها.