بجانب العمليات الفدائية التي ينفذها المقامون المسلحون في الضفة الغربية المحتلة، من خلال استهداف جنود الاحتلال وقطعان مستوطنيه بإطلاق النار والعبوات الناسفة والكمائن المسلحة، فإن شوارع الضفة وطرقها الالتفافية باتت هي الأخرى جحيمًا لا يطاق لدى المستوطنين الذين يشكون انعدام الأمن فيها بسبب مواصلة إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة عليهم من قبل الشبان الفلسطينيين، وسط عجز مطبق من جيش الاحتلال من وقف الظاهرة، وكبح جماحها، مع انضمام المزيد من الشبان والفتيان إليها. يدور الحديث عن طرق رئيسة يمرّ فيها آلاف المستوطنين كل ساعة من اليوم في طريقهم من وإلى العمل، أو في طريق عودتهم إلى العديد من المستوطنات المقيمين فيها، وفي أجزاء كثيرة من اليوم تكون حركة المرور حيوية ومزدحمة في بعض الأحيان، وفي العديد منها يصاب سائقو الحافلات والمستوطنون أنفسهم في مثل هذه الهجمات، فيما يتحدث آخرون عن خوف متزايد على حياتهم وحياة الركاب. يضاف لذلك التقارير الأخيرة عن هجمات بالحجارة والزجاجات الحارقة على المحاور الرئيسة من طرق الضفة.
اقرأ أيضًا: خشية إسرائيلية من العودة مجددًا للغرق في الوحل
اقرأ أيضًا: صدمة إسرائيلية عقب الاعتراف الأممي بـ"تل أريحا"
وأصبح مشهد الحافلات ذات الزجاج الأمامي المهشم أمرًا مألوفًا على الطرقات وعند مداخل المستوطنات، مما يزيد من مفاقمة شعور المستوطنين بانعدام الأمن الشخصي، إلى درجة أن بعضهم قرر مؤخرًا إنشاء دوريات مستقلة لزيادة التواجد على طول الطريق وتعزيز الأمن، في إشارة لا تخطئها العين عن عدم ثقتهم بالجيش. مع العلم أن جيش الاحتلال سارع لإعلان موقفه ضد هذه المبادرة الاستيطانية، بادّعاء أنها ستؤدي لزيادة الشعور بانعدام الأمن في المنطقة، ما سيجعل من قيادة المركبات على هذه الطرق المنتشرة في الضفة الغربية تجربة مثيرة للأعصاب، فضلًا عن مشاعر من الخوف وانعدام الأمن، ومصدرًا لقلق متزايد وتفاقم الخطر العام، الذي يؤدي في بعض الأحيان لوقوع عدد من حوادث المرور المميتة هروبًا من حوادث رشق الحجارة.
يزعم الاحتلال أن هناك سببًا أساسيًّا وراء تركيز رماة الحجارة الفلسطينيين على الطرق المرورية للمستوطنين، بزعم أنها تشكل شريان الحياة لهم، وأي ضرر يلحق بها يؤثر سلبيًّا عليهم، في ظل اتهامات موجهة لقوات الاحتلال بعدم المبالاة لحمايتهم، إلا عند وقوع قتلى في صفوفهم، حينها تتصدر تهديدات المستويات السياسية والعسكرية لعدة أيام، ثم سرعان ما تختفي، لتبدأ موجة جديدة من الاستهدافات. سمة أساسية خاصة بالطرق المستهدفة من رشق الحجارة والزجاجات الحارقة أنها في الغالب ضيقة، وتتضمن مرتفعات ومنخفضات، صعودًا وهبوطًا، فيما لا يثبت الوجود العسكري للاحتلال فيها على حال واحدة، وبالتالي فلا يزيل المخاطر الأمنية، بل توفر للفلسطينيين فرصة لإعطاب المركبات المارة، واستهدافها، حتى بات الكابوس الذي يهرب منه المستوطنون أن يسقط حجر كبير على حافلة متحركة تنقلهم.