رغم الجهود الإسرائيلية الجارية لإبرام المزيد من اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية، ولا سيما السعودية، لكن القناعة الإسرائيلية التي تزداد مع مرور الوقت تتمثل بأن القضية الفلسطينية ما زالت هي العقبة الكأداء التي تعترض أي اتفاق تطبيع محتمل، رغم ما يتردد في المحافل الإسرائيلية حول بلورة حلّ ما للقضية الفلسطينية يجري تسويقه مع الدول العربية المطبّعة، ويقوم في حدّه الأقصى على فرضية توسيع رقعة الحكم الذاتي، مع الحفاظ على المصالح الأمنية للاحتلال.
صحيح أن مسار التطبيع الإسرائيلي السعودي يجري على قدم وساق، خاصة بعدما ضجت وسائل الإعلام مؤخرًا عقب لقاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع رئيس الولايات المتحدة جو بايدن على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ونشر المقابلة مع ولي عهد السعودية محمد بن سلمان لشبكة فوكس نيوز، وأكدت جميعها أن جدول الأعمال مزدحم ببحث تطورات اتفاق التطبيع بين الرياض وتل أبيب.
شهدت الأيام الأخيرة كتابة عدد لا يحصى من الكلمات حول الإمكانات الكامنة في مثل هذا الاتفاق، دون تجاهل مسألة واحدة تحوم فوق كل هذه المسائل وهي القضية الفلسطينية، لأنه سيكون من الصعب للغاية إبرام مثل هذا الاتفاق مع المملكة بالقفز عن هذه القضية، وعلى النقيض من اتفاقات التطبيع السابقة التي بقي فيها الفلسطينيون خارج غرف المفاوضات، فإنهم هنا يبدون في طليعة المسرح.
اقرأ أيضًا: التطبيع الإسرائيلي السعودي.. الثمن والتداعيات
اقرأ أيضًا: الانقلاب القانوني وتطبيع السعودية.. أي علاقة؟
ليس من الواضح في هذه المرحلة ما إذا كان ابن سلمان أو بايدن أو نتنياهو سيدعمون الحل الدائم مع الفلسطينيين، أو بعض التحركات المشتركة، أو الإجراءات الأحادية، لكن الواقع سيتغير بالتأكيد، وفي غضون ذلك، وعلى أية حال، فإن كل طرف في المفاوضات منشغل بالفعل بمحاولة المطالبة بأكبر قدر ممكن من المطالب من أجل تعظيم نقطة البداية.
في دولة الاحتلال تبدو الآراء متضاربة، فالتركيز أولًا وقبل كل شيء على التدابير الحياتية المسماة "السلام الاقتصادي"، بزعم منع حصول نسخة جديدة من اتفاق أوسلو، في حين يظهر اليسار الإسرائيلي على استحياء زاعمًا أن هناك فرصة للتقدم نحو حل الدولتين مع الفلسطينيين، وفي غياب الفرضيتين تسود قناعة إسرائيلية مفادها أن الوضع الميداني على الأرض سيستمر بالتدهور، بل قد يمنع اتفاق التطبيع مع السعودية.
تدرك جميع الأطراف أنه في غياب أي حلّ للقضية الفلسطينية، يعني وضع مزيد من العصيّ في دواليب التطبيع المتعثرة أصلًا، ليس لك فحسب، بل سيؤدي لتفاقم الأوضاع الميدانية، وربما انهيار السلطة الفلسطينية، وتزايد فرص فرضية الدولة الواحدة، وعودة عقارب الساعة للوراء ثلاثين عامًا حين كان الإسرائيليون متورطين في الوحل!