فلسطين أون لاين

حسن الظن بالله سفينة النجاة

...
د.محمد المرخي
د.محمد المريخي

حسن الظن بالله سفينة النجاة في بحر المحن والفتن، وهو سمو ورقي للمرء في وقت اليأس والقنوط.

ويكون عند الدعاء والتوبة والتقرب بالعمل الصالح، وحسن الظن بالله ثقة به وإيمان وحسن خلق وصفة عالية لأهل الإيمان، وبرهان على صدق التدين وعلامة على السمو والرفعة.

ويكون حسن الظن بالله بأن يظن العبد بربه خيرًا دائمًا وأبدًا في كل الظروف والأحوال والأوضاع، وفي كل وقت وحين يظن بالله تعالى أنه سيرحمه ويعفو عنه ويغفر له وأنه تعالى على كل شيء قدير وبيده كل شيء وعنده مفاتح السماوات والأرض وخزائن كل شيء وأنه لا يخلف الميعاد، وأن وعده الحق ودينه الحق.

وينشأ بعد إذنه عز وجل بمشاهدة كمال صفاته وحقائق معاني أسمائه وحكمة أفعاله، ومطالعة عظيم مخلوقاته لقوله تعالى:" االَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ"(البقرة:46)، وفي الحديث القدسي قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خير مِنْهُم..."، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يَقُولُ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي إِنْ ظَنَّ خَيْرًا فَلَهُ وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فله".

ويكون حسن الظن بالله عند الدعاء والتوبة والتقرب بالعمل الصالح، وعند اليقين بوعد الله ونعيمه، وعند الموت بحسن لقاء الله وستره وتجاوزه وعند نزول البلاء.

وحسن الظن بالله ثقة به وإيمان وحسن خلق وصفة عالية لأهل الإيمان، وبرهان على صدق التدين وعلامة على السمو والرفعة ولا يظن بالله خيرًا إلا الموفقون الكرام المصطفون، ويكون بذلك على الملة والدين وطاعة الله رب العالمين والعمل بما يحب ويرضى.

 ويقابله سوء الظن بالله وهو حمل الله على السوء والشر والتقصير وهو طعن في دين المرء وفساد في توحيده لربه ونفاق وهدم وخراب، ذم الله أهله فقال في كتابه العزيز:"يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ…"(آل عمران:154)، يعني المنافقين يعتمدون سوء الظن الباطل الذي لا يقدرون الله فيه، حيث قال تعالى:" وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ..."(الزمر:67).

وعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:"إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ"، فهو أشد من الكذب لقبحه ورداءته، لأنه أعلى درجات الكذب، لقوله تعالى: "وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَىٰكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنَ ٱلْخَٰسِرِينَ" (فصلت:23).