طالب د.مصطفى البرغوثي، رئيس حزب "المبادرة"، بتخفيض سن الترشح إلى 21 عاما، وقبل ذلك تم إصدار مرسوم رئاسي يرفع الكوتة النسائية في المجلس التشريعي إلى 26%، وأول شخص يعلن نيته الترشح لمنصب الرئاسة في الانتخابات "القادمة" قال إن المرأة ستتولى في عهده رئاسة الحكومة، وإن 40% من المواقع القيادية ستكون من نصيب المرأة.
أنا استغربت من تعديل الكوتة النسائية في المرسوم الرئاسي، لأن الكوتة ليست أولوية في هذه الظروف، ولدينا قضايا أكثر أهمية منها، أما من حيث المضمون فأنا كما قلت سابقا ضد الكوتة النسائية لأنها انتقاص من قدر المرأة بالدرجة الأولى ويتم التعامل مع النساء كأنهن عاجزات، وهذا القرار يتعارض مع المساواة لمن يدعون المطالبة بها، ثم من المعلوم أن الرجال أقدر من النساء على القيادة في المجال السياسي في غالب الأحوال مع وجود استثناءات بكل تأكيد.
في فرنسا تجوز الانتخابات دون إشراك المرأة، ولكن الحزب الذي لا نساء ضمن مرشحيه يحرم من دعم مالي معين، ولذلك فإن الأحزاب الفرنسية ترشح النساء، ولكن تضعهن في دوائر ومناطق انتخابية لا أمل لهن في النجاح فيها، حتى لا تخسر تلك الأحزاب المخصصات المالية، ولذلك أنا أطالب بعدم التمييز بين المرأة والرجل في حق الترشح والانتخاب للمجلس التشريعي، كما هو الأمر في نظام الانتخابات الكويتي، فأحيانا يكون للمرأة عدة مقاعد، وأحيانا يخلو البرلمان الكويتي من النساء، كما حصل في الانتخابات الأخيرة، أما منصب الرئاسة فلا يحق للمرأة شرعًا أن تتولى أمور المسلمين، ولذلك لا يجوز إقرار قانون يخالف الشريعة الإسلامية.
أما بخصوص مطالبة الدكتور مصطفى البرغوثي بخفض سن الترشح فهي مستهجنة إلى أبعد الحدود وخاصة أن الدكتور مصطفى البرغوثي معروف بمنطقه العقلاني، الشاب في سن 21 لم ينهِ المرحلة الجامعية، ليست لديه خبرة في الحياة الاجتماعية، فضلا عن الخبرة السياسية.
اندهاشي واستغرابي في المثلين السابقين هو من طريقة التفكير بالدرجة الأولى ومن ترتيب الأولويات، وثانيا نحن أمام معضلات وتعقيدات تحتاج الى كفاءات وعقول جبارة لحلها، وأنا أقولها صراحة إن كثيرين من نواب الشعب حاليا -مع احترامي الشديد واعتذاري لهم- ليسوا على قدر هذه المسؤولية، فبدلا من التفكير بملء المجلس التشريعي بالشباب الصغار والصبايا والنساء والرجال غير الأكفاء، علينا إعادة النظر في طريقة اختيارنا لمرشحي المجلس التشريعي.
المجلس التشريعي بحاجة بالدرجة الأولى إلى السياسي ثم الاقتصادي والشرعي وبعض أصحاب التخصصات الأخرى، لا يجوز أن يكونوا كلهم سياسيين، ولا كلهم من أهل العلم الشرعي أو من الاقتصاديين. لا بد من التنوع وإعطاء كل تخصص حجمه الملائم، كما أنني أطالب كل الاحزاب بأن تتخلى عن المعايير السابقة التي أثبتت عقمها وأدت إلى ما نحن فيه، فمثلا رجل الخير الغني لا يلزمني في هذا الموقع اذا كان لا يفقه في السياسة أو أي مجال آخر يحتاج إليه المجلس، والمناضل على رؤوسنا جميعا، لكن إن لم تتوافر فيه الشروط اللازمة هو أيضا لا يلزم، وهذا لا ينتقص من قدره، ولكن مقعد المجلس التشريعي تكليف وليس تشريفا بالمعنى الحقيقي للكلمة، وليس مجرد شعار نقوله في كل مناسبة، والتكاليف لا تسند لغير القادرين عليها، ولا يجوز لقادة الفصائل أن يختاروا بناء على العلاقات الشخصية أو الاعتبارات العشائرية، مع التأكيد أن ابن العشيرة أو أهل الخير أو المناضلين لهم الحق وربما الأولوية أحيانا إن كانت لديهم المؤهلات المطلوبة، وأهم شرط في أي مرشح للمجلس التشريعي هو التزامه الحفاظَ على ثوابت وحقوق الشعب الفلسطيني.