فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

مساعٍ جديدة لزيادة التحصيل بما يلائم الأوضاع الاقتصادية للمواطنين

تقرير في زمن الحصار و"كورونا".. أوضاع استثنائية لبلدية غزة تدفع موظفيها للاحتجاج

...
صورة أرشيفية
غزة/ أدهم الشريف

جاء اعتصام موظفي بلدية غزة، أول من أمس، في مقرها وسط المدينة الأكثر اكتظاظًا بالسكان من بين محافظات القطاع الساحلي ليعكس مدى الضيق الذي يعاني منه هؤلاء؛ متأثرين بالأزمات التي لحقت بالبلدية تزامنًا مع استمرار الحصار الإسرائيلي، ودخول جائحة "كورونا" ساحة القطاع الذي تبلغ مساحته 365 كيلومترا مربعا، يسكنه أكثر من مليوني نسمة، وما نتج عن ذلك من تداعيات اقتصادية خطرة على الجميع.

وهتف المشاركون في الاحتجاج "بدنا ناكل.. بدنا ناكل"، وطالبوا بحل لجنة المستحقات، والسماح للعاملين في البلدية بانتخاب أعضاء جدد لهذه اللجنة، وصرف الرواتب.

وتداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، مشهدا قصيرا لأحد العاملين بالبلدية وقد تعرض لحالة إغماء بين زملائه الذين حاولوا تقديم الإسعاف له.

ويمر قطاع غزة بظروف اقتصادية صعبة من جراء استمرار الحصار الإسرائيلي منذ 14 سنة مضت، وبعد تداعيات الخلافات السياسية وما تبعها من فرض إجراءات عقابية من رئاسة السلطة، ومن ثم وصلت جائحة "كورونا" نهاية آب/ أغسطس الماضي، فزادت الطين بِلةً.

وإذ يتجاوز حجم الديون المتراكمة لصالح البلدية 700 مليون شيكل، فإن الإيرادات تراجعت إلى نحو 75% مقارنة مع الأعوام الأربعة الماضية، وفق البلدية.

وأوضح رئيس قسم العلاقات العامة في بلدية غزة حسين عودة، أن الأزمة التي تواجهها البلدية لم يسبق لها مثيل على صعيد الإيرادات والديون، وأدت في النهاية إلى احتجاج سلمي للموظفين على تراجع وتأخر صرف الرواتب.

وبين عودة في تصريح لـ"فلسطين"، أن بلدية غزة مدينة لموظفيها بـ271 مليون شيكل مستحقات رواتب، بما فيها التأمين ونفقات المورّدين.

بدوره، قال عضو لجنة العاملين في بلدية غزة ورئيس قسم جمع وترحيل النفايات الصلبة بالمدينة ماجد سكر، إن مطالب العمال والموظفين الذين شاركوا في الاحتجاج وتعدادهم زاد عن 400، مشروعة، ومن حقهم صرف رواتبهم وانتظام صرفها، مثل الموظفين الآخرين سواء كانوا في غزة أو الضفة الغربية.

وأضاف سكر لـ"فلسطين": منذ عدة شهور ونحن نحصل فقط على سلف مالية تتراوح بين 30-40 بالمئة من إجمالي قيمة الراتب لكل موظف، وبدون انتظام أيضًا، وعندما راجعنا رئاسة البلدية، أخبرتنا أن ما تحصله البلدية من المواطنين تدفعه لموظفيها في ظل عدم توافر الدعم أو تخصيص موازنة حكومية للبلديات".

وذكر أن الديون المستحقة للبلدية على المؤسسات الحكومية بغزة، وصلت لـ30 مليون شيكل، مقابل الخدمات التي تقدمها، وسداد هذه الديون سيؤدي حتمًا إلى صرف رواتب مناسبة للعاملين في البلدية، بدلاً من صرف سلف مالية أحيانًا تصل إلى 600 شيكل.

وذكر أن موظفي البلدية يعملون رغم الظروف التي فرضتها جائحة "كورونا"، وغيرها من الظروف الاستثنائية التي يمر بها قطاع غزة "لكننا كعاملين نريد حياة كريمة، فالتزاماتنا كبيرة ورواتبنا حق لنا".

وقال إن "البلدية يجب عليها توفير رواتب موظفيها، وإذا لم تستطع يجب على الحكومة والمؤسسات الدولية مساعدة البلديات والنأي بها عن التجاذبات السياسية لأنها مؤسسات خدماتية".

وأضاف أن "رئيس البلدية يحيى السراج أبلغ لجنة العاملين فيها، بأن البلدية ستوفر ما تقدر عليه من رواتب بحد أدنى 1200 شيكل، خاصة أن ما لدى البلدية من أموال لا يكفي راتبا كاملا لجميع العاملين".

وأشار إلى أن الآليات المتهالكة التي تعمل بها البلدية منذ عام 2000، أصبحت قدرتها العملية تتراوح بين 30-40 بالمئة، في وقت لم تدخل غزة أي آليات جديدة لجمع النفايات، وهذا تسبب بأن يستهلك شراء البلدية قطع الغيار اللازمة لعمل الآليات ميزانيات كبيرة.

وتابع: لذلك "إذا لم يتوافر الدعم الحكومي للبلديات، فإن عملها قد ينهار وتنهار معها الخدمات المقدمة".

من جهته، قال مدير الدائرة المالية في بلدية غزة محمد المصري، إن نتائج استمرار الحصار وفرض العقوبات على غزة، بدأت تظهر آثاره بحلول 2018، وهذا أدى إلى عدم قدرة المواطن على تسديد مستحقات البلدية.

وأضاف المصري في تصريح لصحيفة "فلسطين"، أن "كل ذلك تسبب بضعف القيمة التحصيلية لبلدية غزة، وعدم قدرتها على تسديد الرواتب كاملة".

وتابع: "في 2020، زادت الأزمة مع ظهور جائحة (كورونا) وما تسببت به من حالة حظر في مناطق واسعة من قطاع غزة، وشلل كامل في الأسواق والمحال التجارية، وعدم تمكن المواطن من تسديد المستحقات المالية أدى إلى اشتداد الأزمة الرواتب الممتدة".

وأشار المصري إلى أنه نتيجة لذلك، لجأت البلدية إلى طلب مستحقاتها لدى الحكومة، ولا زالت تنتظر، لكن البلدية تسعى دومًا إلى الحفاظ على انتظام الرواتب، مؤكدًا أن التزام المواطن يضمن استمرار البلدية في تقديم خدماتها للجمهور.

وذكر أن البلدية تعمل في عدة اتجاهات ترتبط بزيادة التحصيل من خلال وضع سياسات مالية تتلاءم والوضع الاقتصادي للمواطنين بما يضمن تقسيط المبالغ المستحقة، والتواصل مع لجان الأحياء لحث المواطنين على تسديد المستحقات المالية، ومنح الملتزمين فاتورة مجانية كل 6 أشهر.