فلسطين أون لاين

مع جائحة كورونا

هل ينزع أفراد الطاقم الطبي الملابس الواقية عند كل صلاة؟

...
غزة - مريم الشوبكي

يتحصن أفراد الطاقم الطبي والمخالطون للمصابين بفيروس كورونا بملابس واقية تغطيهم من رأسهم حتى أخمص قدميهم، ويقضون ساعات طويلة وهم يرتدونها.

فهل المطلوب منهم خلال اليوم خلعها والوضوء لكل صلاة رغم المشقة الكبيرة في لبسها ونزعها؟، وما رأي الشريعة الإسلامية في ذلك؟، هذا ما يجيب عنه أستاذ الفقه وأصوله بكلية الدعوة الإسلامية د. عبد الباري خلة.

يقول خلة لصحيفة "فلسطين": "جاءت الشريعة الإسلامية بمقاصد عظيمة من تحصيل المصلحة وتكميلها، ودرء المفسدة والتقليل منها، وأمرت بحفظ النفس والمحافظة عليها وعدتها من أسمى المقاصد، كما أمرت بحفظ المال والمحافظة عليه، وراعته وأوجبت إنفاقه من غير إسراف أو تبذير".

ويبين أن الشريعة أوجبت على المكلف عبادات متنوعة يعود نفعها عليه، ومن هذه العبادات الصلاة، ووسائلها من وضوء وبدله وهو التيمم، واستنبط الفقهاء لها شروطًا وأركانًا لا تصح دونها.

ومن شروط صحة الوضوء أو التيمم يذكر شرط عدم وجود الحائل الذي يمنع من وصول الماء أو التراب إلى العضو المراد.

وكما هو معلوم إن أفراد الأطقم الطبية يخالطون المرضى ويعيشون معهم ويحتاجون إلى الوضوء والصلاة، فماذا يمكنهم أن يفعلوا؟، يجيب خلة: "يجب عليهم الوضوء، أو التيمم عند عدم القدرة عليه، ويختلف حال الأطقم من حيث قوة الاختلاط بالمرضى".

يذكر أنه من استطاع الوضوء والصلاة بالهيئة المعهودة من غير مشقة زائدة، ولا تقصير بالمرضى، فيجب عليه الوضوء والصلاة في وقتها بالكيفية المعتادة، أما من استطاع أن يتوضأ قبل لُبس الواقي فليتوضأ، ثم يصلِّ عند دخول الوقت، والتمكن من الصلاة، ومن استطاع التيمم فليتيمم.

وينبه خلة إلى أنه من لم يستطع الوضوء ولا التيمم إلا بمشقة زائدة، بسبب لبس الواقي المحكم، فعليه إما أن يجمع بين كل وقتين متناسقين "ظهرًا وعصرًا"، "مغربًا وعشاءً" من غير قصر، جمع تقديم، أو تأخير، بحسب الحالة والوضع؛ فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا بِالْمَدِينَةِ، فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ"، قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: "فَسَأَلْتُ سَعِيدًا لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ، فَقَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ كَمَا سَأَلْتَنِي، فَقَالَ: أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِهِ" [رواه مسلم].

ويشير إلى أنه لا يجوز نزع اللباس الواقي في أثناء العمل، من أجل الصلاة؛ إذا ترتب عليه ضرر؛ محافظة على النفس والمال: "يطبب المعنيون المصابين، ويصلون في الوقت الذي يسمح؛ فإن ضاق الوقت وهم يعالجون، أخروا الصلاة إلى آخر وقتها، فإن فات وقتها لعذر الاشتغال بالتطبيب قضوها عند التمكن".

ويلفت خلة إلى أنهم إن لم يستطيعوا الصلاة بوضوء ولا تيمم فليصلوا من غيرهما كحال فاقد الطهورين، ولا قضاء عليهم في الراجح.

ويختم بالتشديد على أن الصلاة لا تسقط عن أي مسلم مهما كان العذر، بل جعل الإسلام له رخصًا في كيفية الأداء، فليصلِّ لابس الواقي بالكيفية التي يستطيع، قال الله (تعالى): {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، وقال (تعالى): {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، وقال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]، والله (تعالى) أعلى وأعلم.