مع اقتراب عودتها إلى مقاعد المدرسة لن تتمكن من إيقاف سيل قلمها، للتفرغ للدراسة لكونها على مشارف وضع الخطوط العريضة لمستقبلها، فالكتابة تمثل لها أسلوب حياة، واستقرارًا تتعطش إليه.
سجى عبد العال (17 عامًا) تلاشت نظرات الشك في عيني معلمتها واستمرت في قراءة شعر كتبته عن الحرية، وتأملتها دقيقة ثم قطعتها قائلة: "متأكدة إنتِ كتبتيه؟!"، أجابتها بنعم بكل ثقة، وتصم أذنيها عن تعليقات زميلاتها عند قراءة موضوع التعبير، فكان لها نصيب في كل حصة لقراءة إبداعها في كتابة التعبير.
في حديث مع صحيفة "فلسطين" تعرف نفسها بأنها فتاة فلسطينية تعيش في غزة، تمارس الكتابة من سن التاسعة، شغفها بها يزيد يومًا بعد يوم، واجهت مصاعب كثيرة كادت توقفها عن تطوير موهبتها وإنعاش شغفها المستمر، ولكنها حاربت للحفاظ عليها.
وتكمن موهبتها في تمكنها من الوصف الدقيق وطريقة السرد التي تضع القارئ في قلب الحدث، خاصة في كتابتها القصة التي توجهت لها أخيرًا، وتعمل دائمًا على البحث المستمر عن مواضيع جديدة لتدمجها في نصوص.
تلك الموهبة الطفولية لم تكن لتنمو دون دعم والديها اللذين كانا أول القارئين لكتابتها والمشجعين لها.
"كنت أول ما يخطر على بالي بيتي شعر مباشرة أكتبهما على الورقة ثم أكمل وبعد الانتهاء أدعو والدي لقراءتها، فتنهال كلمات التشجيع، وفي المدرسة كانت أول دقيقة في حصة اللغة العربية لقراءة أبيات من شعري، وأحيانًا على الإذاعة" تتابع حديثها.
القراءة تمثل الهواء لموهبتها في الكتابة، فمن صغرها وهي تقرأ بشغف في كتب متنوعة، وخاصة الدينية، نظرًا لوجودها المبالغ فيه في بيتهم، وفي مرحلة الإعدادية أصبحت تتوجه لمركز ثقافي، وتقرأ الروايات البوليسية، وتشاهد مسلسلات باللغة العربية الفصحى، تقول: "كنت أقرأ بشهية كبيرة، ومع ذلك لا أشبع"، وبذلك تمكنت من تطويرها، إلى جانب بحثها عن مفردات جديدة لتستخدمها في كتابتها.
سجى: "كنت دائمًا أبحث عن الناس المختصة لتقرأ نصوصي وتنتقدها، لأتكمن من التعديل والتغيير للأحسن، وعكفت على الانضمام إلى فرق للكتاب في عدة مؤسسات".
الورقة الباب والقلم المفتاح نحو عالمها الخاص، لتغرق فيه في كتابة مواضيع متنوعة ولكنها بعيدة عن السياسة في كتابة الشعر والخواطر والقصة التي كان منها الصرخة الصامتة، والصوت الخطأ، وغير ذلك.
وتشير سجى إلى أن عالم (السوشيال ميديا) من (فيس بوك) و(تويتر) وغيرهما كان منصات لنشر إبداعها، إلى جانب إرسالها بشكل خاص لأشخاص مهتمين.
وفي الجامعة لن تختار تخصصًا له علاقة بموهبتها، بل ستتوجه نحو التكنولوجيا، تتابع: "الكتابة تمثل لي أسلوب حياة، ولكن ليس الحياة كلها، واللغة العربية أحبها لهجة ولغة، بعيدًا عن مناهج دراسية".
فالكتابة أسلوب حياتها لتغيير "الروتين القاتل"، ولإنعاش ذاتها، فترى سجى أن من الصعب أن تنقطع عنها، فالعلاقة بينهما كالدم والشرايين، فأحيانًا وهي تدرس تكتب نصًّا صغيرًا دون وعي منها، "فلا يمكن أن أوقف هذا السيل" تقول سجى.
وتحلم باليوم الذي تصدر فيه كتابًا يلم شمل قصصها المتناثرة، ويبدع قلمها في الكتابة بمجال الرواية.
قصيدة بعنوان "الحرية" في سن 12 سنة:
أتظنون حقًّا أنكم أحرار؟!
تأتي رياح وتذهب رياح، وتلقي نظرةً على الأسوار
أسوارٌ حجزتنا عقودًا، فهل يزيلها من قائدٍ مغوار؟
وتقول الرياح: ماذا حل بك يا مجلس الحل والعقد، يا منجم الأسرار
فاصبري يا فلسطين، ربما غدًا تعدلك الأقدار
يا أيها العرب، أين ذهبتم؟ أليس عندك بُعد نظرٍ وبعض أفكار؟!
أين حالنا هذا من حال الرسول والصحابة والأنصار
والآن يريد آل صهيونٍ أن يهدموا الأقصى الذي من دونه ننهار
كلنا مقصر، فهل من أحدٍ يشاركني الإقرار؟
بأننا ذللنا من قومٍ يظن نفسه الشعب المختار
لدخول الجنة بما فيها من أشجار وأطيار
ولكنهم لسوف يدخلون جهنم بما فيها من عذابٍ ونار
إني لأقتلن كل من سلبني وسلب شعبي حريةً من حق الصغار والكبار
فمنكم يا آل صهيونٍ المكار والغدار
ومنا أولو عزمٍ وإرادةٍ للانتصار
سوف ندخل الأقصى بتكبيراتٍ وعزةٍ وافتخار
ويهرب آل صهيون كالجبناء فرار