بصفتي محاضرًا جامعيًا، فإنني توجهتُ للتعليم الإلكتروني بناءً على توصيات المؤسسة الأكاديمية التي أعمل تحت لوائها، بعد تفشي جائحة كورونا العالمية، وفي هذا المجال التعليمي الإلكتروني لدي العديد من النقاط:
نقطة أولى: في دائرة التعليم الجامعي –وفق تجربتي- فإن كثيرًا من المد والجزر حصل بين الآراء، أكاديميين كانوا أم طلبة، فكثرٌ وجدوا الأمر مضيعة للوقت، ولا طائل منه، وأنه لن يسد مسد المحاضرة التقليدية المعهودة، وهم معذورون برأيي لأنهم لم يخوضوا هذه التجربة من قبل، وربما لأنها تتطلب مهارات متطورة قليلًا لم يتعلموها بعد.
هناك فئة لم تكن كبيرةً رأت بأن الأمر فرصة لتطوير العملية التعليمية وأدوات التعلم، وليس الأمر متربطًا بجائحة أو أزمة، بقدر ما هو مرتبط بالنهوض بالعملية التعليمية وتوسيع أفقها، وصراحة انتصر هؤلاء في فرض وجهة نظرهم لأمرين مهمين: الأول أن كورونا ما زالت تتطور، وأن زمنها لن يكون قصيرًا على ما يبدو، والثاني أن أدوات التعلم الإلكترونية كثيرةٌ ومتنوعة، وفرضت نفسها بقوة على العملية التعليمية، وبالتالي حتى الفئة الأولى بدأت تستخدم هذه الأدوات إما مقتنعة أو مضطرة.
المؤسف هو أننا –بالأغلب الأعم- لم نتعرف إلى هذه الأدوات الرائعة إلا بعد أن وقعنا في الأزمة، وهذا يفتح لنا باب التساؤل عن مدى حرص نسبة كبيرة منها على تطوير ذاته ومهاراته، وتطوير أداوته التي يستخدمها في عمله أيًا كان.
نقطة ثانية: عن استثمار وقت أطفالنا الطويل في المنازل في التعليم الإلكتروني، فنحن وبكل أسف ما زلنا نضيع وقت أبنائنا في اللعب والتسلية، ونعزُف بإرادتنا ورغبتهم عن الجلوس للتعلم، وهنا إن كان من نصيحة فعلى الأبويْن أن ينظما جدولًا دراسيًا يوميًا لأبنائهما، ليس بالضرورة أن يكون بنفس ساعات الدراسة في المدرسة، بقدر ما يجعل الأطفال متذكرين لدراستهم، مواظبين عليها، فساعة أو ساعتان في اليوم كافيتان ليتعلم الطفل مادة أو اثنتين أو ثلاثًا، وكافية أن تجعل الطفل واعيًا بأن ما نحن فيه ليس فسحة أو إجازة للتسلية، بل هي أزمة لها التزاماتها وضوابطها.
وعلى غرار رواية "الحب في زمن الكوليرا" يبدو أن البشرية دخلت مرغمة مسرعةً عهد "التعليم في زمن الكورونا".