فلسطين أون لاين

بسبب مقال صحفي

تقرير بإحالتها قاضيًا لمجلس تأديب.. السلطة تواصل قمع الحريات بالضفة

...
القاضي أحمد الأشقر
غزة - محمد أبو شحمة

لم يعد انتقاد السلطة الفلسطينية وانتهاكاتها المتواصلة لحقوق الإنسان أمراً سهلاً على أي مواطن أو مسؤول، لأنه سيخضع إن تحدث أو نشر مقالاً حول هذه الانتهاكات للسجن والتضييق.

هذه المرة كان الضحية القاضي أحمد الأشقر، الذي نشر مقال رأي حول انتهاكات حقوق الإنسان في عهد حكومة رامي الحمد الله السابقة -نشره في نيسان/ إبريل 2019-.

وبعد نشر الأشقر المقال أحالته السلطة ومجلس القضاء الأعلى الانتقالي إلى التحقيق استجابة لتوصية تقرير دائرة التفتيش القضائي، ثم إلى مجلس تأديب القضاة دون توصية أصولية من قاضي التحقيق، كخطوة قمعية لأي تحرك ينتقد السلطة أو انتهاكاتها.

وخلال المقال الذي آثار غضب السلطة طالب الأشقر بوقف انتهاكات حقوق الإنسان، وإنصاف الضحايا والمتضررين، وتطبيق مبدأ سيادة القانون، ومراجعة قرارات الحكومة السابقة، وتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق حتى لا يظلم أحد.

المستشار سامي صرصور، رئيس المحكمة العليا ورئيس مجلس القضاء الأعلى السابق، يؤكد أن ما فعله الأشقر لم ينتهك القانون حين عبر عن رأيه في مجال حقوق الإنسان والانتهاكات في مقاله الصحفي.

ويقول صرصور لصحيفة "فلسطين": إن القانون الأساسي يضمن الحقوق والحريات للقاضي وغيره، للتعبير عن رأيه بكامل الحرية دون أي تقييد، فمسموح للقاضي انتقاد إجراءات تمس حقوق الإنسان.

وأشار صرصور إلى أنه قد يُعزل القاضي الأشقر بعد إحالته لمجلس تأديبي كونه شخصية مستهدفة بسبب آرائه.

وبين أن مجلس التأديب يعد محكمة مصغرة للقاضي، ولكن هناك إجراءات عدة يجب أن تسبقها، أولها خضوع القاضي المحال للجنة تحقيق، ثم يُتخذ قرار بإحالته إلى مجلس تأديب.

ولفت إلى أن الحديث عن الحريات وانتهاكات حقوق الإنسان ليس جريمة وفق القانون الأساسي الفلسطيني، لذا لا تصح إحالة القاضي الأشقر إلى مجلس تأديبي بسبب آرائه.

من جانبه أدان الاتحاد العربي للقضاة، ملاحقة السلطة للقاضي الأشقر، بعد نشره مقالاً طالب فيه بوقف انتهاكات حقوق الإنسان، وإنصاف الضحايا والمتضررين، وتطبيق مبدأ سيادة القانون على الجميع.

وقال الاتحاد في بيان له: إن "ما نشره القاضي الأشقر حول رأيه بحق شعبه في الكرامة، يأتي في إطار حق القضاة في التعبير عن رأيهم، هو حق مكفول في الفصل (19) من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003، والفصل (39) من قرار مجلس القضاء الأعلى رقم (3) لسنة 2006 بشأن مدونة السلوك القضائي".

وأوضح الاتحاد أن مدونة السلوك نصت على أنه "بما لا يتعارض مع أحكام القانون وواجباته الوظيفية للقاضي أن يُعّبر عن رأيه بوسائل التعبير كافة"، وهو ما يعزز أيضًا بالمواثيق والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان.

ولفت إلى أن الفصل (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والفصل (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وما أفصحت عنه المعايير الدولية الأخرى ومنها البند (8) من مجموعة المبادئ الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية الصادرة عن الأمم المتحدة بمقتضى قراريها، يعطي للقاضي الحق في التعبير عن رأيه.

وبين أن دور القاضي لا يقتصر على إصدار الأحكام فحسب، بل حماية الحقوق والحريات وهو ما يعدّ كسراً لأغلال طالما طوّقت القضاة وحاولت تدجينهم وإقصاءهم عن المسائل المتعلقة بالشأن العام.

ودعا الاتحاد العربي للقضاة الجهات المختصة في فلسطين إلى إعلاء راية الحق والعدل، والانتصار لحق القضاة في التعبير عن رأيهم أسوة بالحق المكفول لكل المواطنين.