نـشــيدنا مـشــاعـل الحـيـاة، نشيدنا مطامح الدعاة، نشيدنا نار على الطغاة
لقد ساهم النشيد الإسلامي كثيرًا في تربيتنا الوطنية والدينية، وكنا وما زلنا نقول إن النشيد الإسلامي لم يأتِ بديلًا عن الفن المنحل الهابط، بل إنه أصلٌ حاولوا محاربته بالكلمات الساقطة أخلاقيًا والعري والصخب، أو ما اصطلح على تسميته "الفن الماجن".
أذكر أن أول شريط كاسيت أُهدي لي، كان بعنوان "أول الغيث" للفنان العملاق أبو راتب، يومها تعلق قلبي –رغم صغره- بالكلمات والألحان والمشاعر الجياشة، وهنا نتوقف للحديث عن الكلمات، التي كانت وما زالت المفصل الحقيقي بين الحرام والحلال، بين الأغنية الهادفة والأغنية الهابطة.
لا يخفى على أحدٍ أن الغلبة كانت وما زالت للفن الهابط، والسبب يعود بالأساس لمال الإنتاج الضخم الذي يضخ لإغراق وسائل الإعلام التقليدية والحديثة، وهذا أمر طبيعي، لكن المؤسف أن هذه الغلبة انعكست على الحالة النفسية للإنتاج الفني الإسلامي، ومن هنا تبدأ المشكلة الحقيقية التي يدور حولها ما نكتبه اليوم، حيث خرج كثير من أصحاب الفن الرسالي الهادف من دائرة الإبداع إلى دائرة التقليد، ومن دائرة المنافسة إلى دائرة المجاراة، فبدأنا نلحظ أناشيدَ تحاكي لحن أغنية مشهورة، كما شهدنا إنتاج أغنيات لا تحمل كلمات ولا ألحانًا ولا مراعاةً حتى للذوق العام.
وليت الأمر توقف عند هذا الحد، بل أعاد بعض المنشدين أغنيات كاملةً بكل ما فيها بصوته مرة أخرى، ليعطيها صبغة الحلال بعد أن كانت حرامًا، وكأن المشكلة تكمن فيمن يغني وفقط!
وحتى لا نجلد أنفسنا، فإن مقابل المال الضخم الذي ينتج الفن الهابط، هناك موازنة صفرية لإنتاج الأعمال الفنية الهادفة، وهذا الأمر وإن لم يكن سببًا في تراجع مستوى الفن الهادف وانتقاله من المنافسة للمجاراة، إلا أنه من الواجب ذكره.
ما نريد تأكيده هو ضرورة أن يتم تصحيح مسار الفن الإسلامي ليعود هادفًا كما كان، وينافس بتميزه بكلماته وألحانه ومشاعره وانضباطه العالي، لا أن يدخل في سباق تسارعي هو خاسر فيه لا محالة من جانبيْن، الأول في منافسة الهبوط، والثاني في تميزه وتفرده، ويصل بالتالي ليكون "نشيدًا ماجنًا" إن جاز التعبير!