فلسطين أون لاين

كيف تعبر عن حبك لذاتك؟

...
غزة-مريم الشوبكي:


"هل تحب ذاتك؟"، لو سألك أحدهم يومًا هذا السؤال فبماذا ستجيب؟، على بساطة السؤال ربما ستجد الإجابة عنه صعبة، لأن الكثير ربط بين حب النفس والأنانية، وتربى أن حب الآخرين ومساعدتهم هما الحب بعينه، وفي النهاية يجده كارهًا لنفسه لأن حبها لم يزرع فيه منذ النشأة.

بعض يسير في منحى التعبير عن حبه لذاته بإسعاد نفسه وتقديم الهدايا المادية لها؛ ربما قطعة شوكولاتة تكون كفيلة بتحقيق ذلك، وكلمات الحب والتشجيع التي ترفع المعنوية، أو تدليلها بالراحة والاستجمام والرياضة، وربما السفر، وأنت من وجهة نظرك كيف تحب نفسك؟

اكتشفته من جديد

إحسان جرادة متزوجة، ولها من الأولاد أربعة، وبسؤالها عن حب ذاتها استغربت بعض الشيء لأنها لم تفكر فيه من قبل، بل كانت تربط سعادتها بالتضحية من أجل سعادة زوجها وأبنائها.

تقول جرادة لـ"فلسطين": "لم أكن أحب نفسي، فالأولوية لزوجي وأولادي، ومن جديد اكتشفت هذا الأمر، لذا اتخذت قرارًا بإسعاد نفسي، فأفاجئها بقطعة شوكولاتة، لأنه في النهاية لا أحد يشعر بالآخر، كل واحد له انشغالاته، وحينما يريد منحك الحب يمنحه من زاويته لا زاويتك".

وتدعو كل أنثى ألا تكون مثالية، بل عليها أن تهتم بنفسها وتدللها، وإذا هي أحبت نفسها فسيحبها الآخرون.

هو المدخل

أما رشا سيسالم فتعد السعادة التي تراها في عيون أبنائها وزوجها أكبر مكافأة لنفسها، لأنها تضحي بكل شيء من أجلهم، وكلها ثقة أن الله سيعوضها عما فعلته بردهم الجميل لها حينما تكبر.

في حين يؤكد سليم مشتهى أن حب النفس هو المدخل الأساسي لمحبة الآخرين، وكذلك هو دافع قوي للإبداع وإثبات الوجود.

أما إبراهيم الحاج فحب الذات لم يكن في قاموس حياته، يقول: "كنت أجلد ذاتي فتوقفت عن فعل ذلك، لأنه لا يزيدها إلا شقاء ولا يقلل من مصاعبها".

ويضيف الحاج لـ"فلسطين": "عدم لوم الذات، وتقبل النفس كما هي، والسلام الداخلي الذي ينعم به الشخص كل ذلك يجعله أسعد شخص في هذه الدنيا، ويكون قادرًا على مواجهة صدماتها، أما من يكره ذاته فسيؤثر كرهه لها على علاقاته بالآخرين".

تصالحه مع ذاته

ومن جهتها بينت الاختصاصية الاجتماعية سمر سعد أن حب الذات حاجة من حاجات الإنسان، ويعبر عن مدى تصالحه مع ذاته وتقبلها غير المشروط لها بسلبياتها وإيجابياتها، فالإنسان يدرك أنه ليس مثاليًّا وليس على صورة الملائكة.

وأوضحت سعد لـ"فلسطين" أن الرضا عن الذات يكون بتصالح الإنسان مع نفسه، والتماس الأعذار لها، والغفران للهفوات والزلات التي قد يقع فيها، مع الإدراك التام أن الانسان ليس مثاليًّا.

وذكرت أن كره الذات يكون بالنظرة الدونية لها، وجلد الذات وعقابها؛ فتنتقل هذه الطاقة السلبية من الذات إلى الآخرين، وعلاقاته يشوبها بعض أمراض الحقد والحسد والغيرة.

كيف يصل الإنسان إلى حب ذاته؟، أجابت الاختصاصية الاجتماعية: "البيئة المحيطة بالشخص هي الداعمة له كثيرًا، لكي يبني نفسه ويصل إلى ما يريد، وفي حال كانت محبطة سيؤثر ذلك على حبه لنفسه وثقته بأنه يمكن أن يحقق إنجازات".

وأضافت: "الطفل صفحة بيضاء والأم تخط ما تريده بيدها، من حيث دعم ثقته بنفسه بإعطائه الحب والحنان، والأهم رفضها سلوكياته، وليس رفض الطفل نفسه، وأن تتوقف عن لومه وانتقاده".

السلام الداخلي

وللتعبير عن حب الذات أوضحت سعد أنه يتجلى في تحمل المسئولية، ولعب دور قيادي، واستيعاب الناس والتعامل بمرونة معهم، وأن من السلام الداخلي تقبل النفس كما هي.

ولفتت إلى أن التعبير المادي عن حب الذات مثل إهدائها، أو التنزه، والنظر إلى كل الأمور بإيجابية بعيدًا عن اللوم والانتقاد، والتكيف والتأقلم الصحيح مع الضغوط والمواقف والصعاب التي لا يمكن لأي شخص تجاهلها.

وأكدت سعد أن الوازع الديني له دور في تعزيز حب الذات، بالثقة والرضا بقدر الله وقضائه.

وذكرت سعد أن كره الذات يتشكل في الطفولة من الانتقادات، والتمييز في الأسرة والبيئة المحيطة، وعدم تحميل الطفل المسئولية، والتقليل من شأنه.

ونصحت الوالدين -لاسيما الأم- بالبحث عن الجوانب الإيجابية والجمالية في شكل ابنهما وتصرفاته وقدراته، وفي مواهبه، وعليهما أن يظهراها له ويشجعاه على تنميتها.

ودعتهما إلى مصاحبة الأبناء منذ الصغر لبناء علاقة وطيدة بهم، تكون قاعدة لأي أمر يمكن أن يواجهوه، وتركهم يعتمدون على أنفسهم، وتجنيبهم الارتباط الكامل بهما.

ولفتت الاختصاصية الاجتماعية إلى أن غالبية الناس لديها مفهوم خطأ عن حب الذات، وهو حب الناس ومساعدتهم وتفضيلهم على أنفسهم، بل عليهم أن يعوا أنهم أولًا ثم الناس، لأن من يحب نفسه فسيحب الآخرين.