يشدد أستاذ القانون الدولي د. حنا عيسى على أن القوانين الدولية والاتفاقيات والمعاهدات -ومن ذلك قرارات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)- تؤكد أن حائط البراق جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى، وأن المساس به "جريمة حرب".
ويذكر عيسى لصحيفة "فلسطين" أن القوانين الدولية تشير بكل وضوح إلى أن حائط البراق وقف إسلامي خالص، وهو ما أكدته قرارات (يونسكو)، وعددها 66 قرارًا خاصة بالقضية الفلسطينية، والأماكن الدينية والتاريخية لمدينة القدس والضفة الغربية المحتلتين.
ويشير أيضًا إلى اتفاقيات ومعاهدات دولية أكدت إسلامية حائط البراق، ومن ذلك في 1899م بلاهاي، وأُكِّد ذلك في 1907م، وكذلك اتفاقية لاهاي عام 1954م التي طالبت الاحتلال الإسرائيلي بالحفاظ على الأماكن الدينية والتاريخية.
ويبين أن "البروتوكول المضاف إلى اتفاقية لاهاي عام 1977م يؤكد أهمية الحفاظ على هذا المكان".
ويلفت إلى أن المبادئ الدولية تعد الاعتداء على الأماكن الدينية "جريمة من جرائم الحرب، مضيفًا: "وهذا يؤكده نظام روما لعام 1998م، المادة الثانية منه فقرة (ب)، لكن الاحتلال الإسرائيلي منذ إكماله احتلال مدينة القدس سنة 1967م يسعى إلى تهويد الحائط".
لكن أستاذ القانون الدولي يشدد على عدم صحة مزاعم الاحتلال، مبينًا أن التاريخ والأبحاث والدراسات تفندها، وليس هناك أي أثر يثبت وجود ما يسمى "الهيكل" أو ما يمت إليه بصلة.
ويذكر عيسى الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة المقدسات أن اليهود اعتمدوا على ما يسمى "وعد بلفور" سنة 1917م، في مساعيهم لتهويد الحائط.
أحقية المسلمين في الحائط
يضيف: "إن الجميع يتذكر ثورة البراق عندما انفجرت في 15 آب (أغسطس) 1929م، على إثر قيام مجموعة من الصهاينة بتظاهرة في القدس، زاعمين أن الحائط "ملكًا لليهود"، فتجمعت الجماهير العربية وأقاموا تظاهرة كبيرة في المكان وأكدوا حقهم، وانتشرت لاحقًا في ربوع الأراضي الفلسطينية، وقمعتها حكومة الاحتلال البريطاني، وارتقى فيها 116 شهيدًا فلسطينيًّا وأصيب 232 آخرون، وقتل 133 يهوديًّا وأصيب 339 غيرهم".
ويذكر أنه في 17 حزيران (يونيو) 1930م أعدمت سلطات الانتداب البريطاني في سجن عكا قادة ثورة البراق: محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير، ونتيجة الاضطرابات أجبرت وزارة المستعمرات البريطانية على تشكيل لجنة بشأن أسبابها، وتقديم التوصيات لمنع قيامها مرة أخرى.
وفي نتائج هذه "اللجنة" التي شكلت آنذاك أكدت الوثائق التاريخية الملكية البريطانية أحقية المسلمين وحدهم في الحائط الغربي للمسجد الأقصى، وذلك إبان الاحتلال البريطاني لفلسطين الذي بدأ بانتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1917م، واستمر حتى إعلان إقامة كيان الاحتلال عام 1948م.
وأقر المرسوم الصادر عن "البلاط الملكي في قصر بكنجهام"، في 19 أيار (مايو) 1931م أن "للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي، ولهم وحدهم الحق العيني فيه، لكونه يؤلف جزءًا لا يتجزأ من ساحة الحرم الشريف التي هي أملاك الوقف".
وورد في المرسوم أن "للمسلمين أيضًا تعود ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة المقابلة للحائط، لكونه موقوفًا حسب أحكام الشرع الإسلامي لجهات البر والخير"، محددًا الثامن من حزيران (يونيو) 1931م تاريخًا للعمل به بمنشور نشر في الوقائع الفلسطينية.
وعلاوة على الإقرار بأحقية المسلمين في حائط البراق أكد المرسوم الموثق في كتب قانونية تاريخية فلسطينية أن أي شيء يضعه اليهود قرب الحائط لا يجوز بأي حال من الأحوال أن ينشئ أو أن يكون من شأنه إنشاء أي حق عيني لليهود في الحائط، أو في الرصيف المجاور له.
هذا ما يؤكده عيسى الذي يشير إلى أن كل ذرة تراب في المسجد الأقصى وحائطه الغربي تعود إلى المسلمين، وهو وقف إسلامي خالص، لكنه يشير إلى استمرار الاحتلال في مساعيه لتهويد الحائط.
ويختم: "لكن مهما كلف الثمن فسيبقى وقفًا إسلاميًّا خالصًا يعود للمسلمين دون غيرهم، وعلى الاحتلال أن يتقيد بقواعد القانون الدولي، وقرارات (يونسكو) التي أكدت أن البراق جزء من الحرم الشريف وتابع له قولًا وعملًا، فلا يجوز لهذا الاحتلال أن يقوم بالحفريات أو هدم بعض الصخور من الحائط أو يتسبب في انهيار هنا أو هناك، أو يقيم تحته أنفاقًا، وغير ذلك من الانتهاكات الجسيمة التي يحاكم عليها القانون الدولي".

