فلسطين أون لاين

​عباس يُمارس التفرد ويدير ظهره للفصائل الوطنية الوازنة

...
غزة/ نور الدين صالح:

لا يزال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس متشبثاً بسياسة الإقصاء والتفرد في القرار الفلسطيني، التي ينتهجها منذ توليه السلطة وقيادة منظمة التحرير والمؤسسات المنضوية تحتها.

إصرار منقطع النظير يمارسه عباس في الابتعاد عن الشراكة السياسية واتباع سياسة إدارة الظهر للفصائل الفلسطينية الوازنة التي أعلنت مقاطعتها المُطلقة لسياساته، والتي كان آخرها مقاطعتها لعقد المجلس المركزي في مدينة رام الله، وسبقه عقد المجلس الوطني.

يُضاف إلى ذلك إصراره على إبقاء الإجراءات العقابية التي اتخذها ضد قطاع غزة، شهر أبريل 2017م، بخصم رواتب موظفي السلطة وقطع رواتب أسرى القطاع، ومنع الجوازات، والتحويلات الطبية والأدوية.

ويرى محللان في حديثهما لصحيفة "فلسطين"، أن تعنت عباس في اتخاذ القرارات المصيرية للشعب الفلسطيني زاد من الانقسام الداخلي ويقود القضية الفلسطينية حاليا نحو الكارثة.

الشراكة السياسية

الكاتب والمحلل السياسي تيسير محيسن، يعتقد أن حركة "فتح" متمثلة برئيسها عباس، ما زالت غير قادرة على احتضان معنى الشراكة السياسية بشكلها العملي، مشيراً إلى أنها تُنادي بها قولاً دون ممارسة.

وقال محيسن، إن "فتح" تحاول تطويع كل مؤسسات السلطة ومنظمة التحرير إلى مشروعها السياسي الذي انتهجته قبل 25 عاماً، رغم فشله في تحقيق أي مطالب للقضية الفلسطينية، واصفا إصرار عباس بـ "الغريب ويتعارض مع المصلحة الوطنية وفيه نوع من العناد غير المحمود".

وذكرأن السلطة لم تستطع قراءة المشهد السياسي ومتغيراته بشكل واقعي حتى الآن، رغم مقاطعة الفصائل الوازنة الرئيسة والتي يندرج بعضها في منظمة التحرير، "فهي تصدر نفسها صاحبة المشروع الوطني في القرارات الفلسطينية المصيرية دون أي مشاركة سياسية للفصائل".

وعد محيسن تغول عباس على مؤسسات السلطة ومنظمة التحرير، والتفرد بالقرار السياسي يندرج في إطار "الاستهتار بالفصائل الوازنة، وعدم إيمانه بالشراكة السياسية في صناعة القرار".

وتابع: إن سلوك "فتح" وعباس السياسي "زاد في تعميق الأزمة الداخلية والانقسام ويساهم في دفع تكوين تشكيلات أخرى على الساحة الفلسطينية السياسية"، مشيرا إلى أن كل هذه الاجراءات وغياب الرؤية الفلسطينية المشتركة تصب في خدمة الاحتلال.

مؤشرات سلبية

ويتفق المحلل السياسي صلاح حميدة، مع سابقه ، مُعتبراً أن سياسة التفرد ستؤدي إلى الانفصال في الواقع السياسي وما تبقى من الجغرافية الوطنية الفلسطينية.

ورجّح حميدة، أن إصرار وتعنت قيادة منظمة التحرير بقراراتها يتجه في القضية الفلسطينية نحو الضيق وليس سعة الخيارات في ظل الحديث عن محاولات تمرير ما تسمى "صفقة القرن".

وعد الاستمرار بهذه السياسة يُعطي "مؤشرات سلبية" على الواقع السياسي الداخلي الفلسطيني، مما سيقود إلى نتائج كارثية على القضية الفلسطينية.

وقال إن سير عباس بهذا الاتجاه سيسهل على القوى التي تتربص بالقضية الفلسطينية مهمتها في تصفية القضية الفلسطينية، مشددا أن المدخل الوحيد لوقف ذلك هو الذهاب باتجاه خطاب توحيدي وممارسته فعلياً على أرض الواقع وليس اقصاء القوى الوازنة.

وبحسب حميدة، فإن المطلوب هو الذهاب إلى عقد مجلس وطني شامل بين كافة قوى الشعب الفلسطيني، بعيداً عن استمرار سياسة الاقصاء والتفرد بالقرار السياسي.

وأضاف "يجب أن يكون في عقل صناع القرار الفلسطيني سياسات أكثر حرية وتشاركية، سيّما أننا في مرحلة تحرر، تفادياً من الذهاب نحو اتجاهات سلبية تنعكس على القضية الفلسطينية بأكملها".

ونبّه المحلل السياسي إلى أن المطلوب في الوقت الراهن هو الذهاب نحو المشاركة السياسية وتجاوز ما أسماه "عقدة الأبوية السياسية"، والتوجه للتمثيل الحقيقي والاعتراف بسيادة الشعب ورأيه عبر صناديق الاقتراع.

يذكر أن الجبهتين الديمقراطية والشعبية وحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، قاطعت خلال اليومين الماضيين، جلسات المجلس المركزي؛ بسبب تعنت رئيس السلطة باتخاذه قرارات لا وطنية، ورفضه للشراكة السياسية مع فصائل العمل الوطني، وعدم التزامه بقرارات مؤسسات منظمة التحرير التي أقرت سابقا، علاوة على فرضها للعام الثاني العقوبات ضد غزة.