فلسطين أون لاين

​الشاب "أبو لولي" يظفر بأمنية الشهادة شوقًا لعناق أمه الشهيدة

...
صورة أرشيفية
رفح/ أحمد المصري:

مع دقات ساعات الفجر الأولى، وصوت أجهزة غرفة الإنعاش القصوى الذي بدا مرتفعًا أكثر مع فتح بابها الخارجي، أدرك الشاب سليمان أبو لولي أنها لحظة الحقيقة الصعبة التي سيعلن فيها الطبيب استشهاد شقيقه أحمد، وبالفعل، حدث ما توقع.

لهجَ لسان الشاب سليمان مرارًا أن يسلِّم الله شقيقه، رغم شكِّه في قرارة قلبه بذلك، بما رأت عيناه من تمزق جسده بثلاث رصاصات أطلقت من فوهة رشاش مثبت على ظهر دبابة إسرائيلية أصابته وهو يشارك في فعاليات مسيرة العودة الكبرى شرق مدينة رفح.

لم يخطر في بال "سليمان" مع مغادرة روح "أحمد" لبارئها، إلا كلمات وأحاديث سابقة لشقيقه، كانت رحاها تدور في فلك واحد وهي طلبه الشهادة في سبيل الله والوطن، وحُبًّا أصيلًا في عناقه والدته التي استشهدت في عدوان الاحتلال على القطاع عام 2014م.

كانت شهادة الوالدة "محضية" بمنزلة نزع للحب من هذه الدنيا لدى ابنها الشهيد أبو لولي (31 سنة)، كيف لا وقد كانت المربية الفاضلة والساعية دومًا لإسعاده وشقيقه وشقيقاته، رغم ما تعاني من بؤس، وفقر، وحاجة؟

حوار قصير دار بين الشقيقين سليمان وأحمد، قال له سليمان فيه إنَّ من الضروري أن تأخذ الحيطة والحذر من غدر رصاص الاحتلال وقت ذهابك لمخيم العودة شرق رفح، متسائلًا: من سيعين أطفالك الخمسة؟ ليجيب: الله لهم ولي ولست مباليًا "أريد الشهادة".

لم يدع الشهيد أبو لولي رغم فقره فعالية أو نشاطًا في مخيم العودة شرق إلا كان مشاركًا فيه منذ أن بدأت رحاها تدور في الـ30 من مارس/ آذار الماضي، كما يشير شقيقه، فيما كان من القلة الأولى التي نزعت السلك الحدودي الفاصل شرق رفح عن الأراضي المحتلة عام 48، والذين عرف عن فعلهم لاحقًا بأفراد وحدة قص السلك.

تمتع أبو لولي بحس وطني فريد، وحمية لم تترك صدره لحظة في حب فلسطين وكره ظلمها، ليهُبّ مشاركًا في مسيرات العودة، وعلى عتبات كل يوم جمعة كان يصول كما الجندي الذي تجنّد مدافعًا عن أرضه وعرضه، ويحمل بين يديه مقصًّا يقص بها السلك الحدودي الذي أكد أنه سيزول ويعود شعبنا اللاجئ إلى أرضه رضي الاحتلال أم أبى.

كان حُب الوطن والأم بمكانة رئتين متلازمتين لدى الشهيد الشاب أبو لولي، كما يتحدث شقيقه "سليمان"، باع كل شيء في سبيلهما، وقد ظفر بأمنية المشاركة في الدفاع عن أرض الوطن ومواجهة ما تحاك ضده من مؤامرات بمشاركته في مسيرات العودة باستمرار، والشهادة على أرضها، والتي كان يرى عبرها إمكانية عناق أمه الشهيدة الغائبة عنه منذ أربع سنوات كانت كل سنة منها بمنزلة أربعين سنة ودون أي مبالغة.